«عصفور من الشرق»، «أهل الكهف»، «حماري قال لي»، «في الوقت الضائع»، «عودة الروح»، «السلطان الحائر»، «محمد صلى الله عليه وسلم: سيرة حوارية»، «يوميات نائب في الأرياف»، «الأيدي الناعمة»، «زهرة العمر»،..، هي الأعمال العشرة للكاتب الكبير الراحل توفيق الحكيم (1898-1987)؛ والتي صدرت أخيراً في طبعات مميزة عن دار الشروق بالقاهرة ضمن خطة الدار لإعادة نشر أعمال الحكيم الكاملة، وذلك بهدف الحفاظ على تراثه الإبداعي والفكري، وخصوصاً تراثه المسرحي. ويعتبر إصدار أعمال توفيق الحكيم الكاملة تدويناً لحياته هو ذاتها، على اعتبار أن مؤلفاته هي ترجمة غير مباشرة لحياته ولشخصيته، وقد أشار توفيق الحكيم نفسه إلى ذلك الأمر في مقدمة «يوميات نائب في الأرياف» قائلاً: «لماذا أدوّن حياتي في يوميات؟ هل لأنها حياة هنيئة؟ كلا، إن صاحب الحياة الهنيئة لا يدونها، إنما يحياها. إني أعيش مع الجريمة في أصفاد واحدة، إنها رفيقي وزوجي أطالع وجهها في كل يوم، ولا أستطيع أن أحادثها على انفراد. هنا في هذه اليوميات أملك الكلام عنها، وعن نفسي وعن الكائنات جميعاً. أيتها الصفحات التي لم تنشر، ما أنتِ إلا نافذة مفتوحة أطلق منها حريتي في ساعات الصيف!». ويعد توفيق الحكيم هو المؤسس الحقيقي للمسرح المصري المعاصر، وقد وصفه النقاد بأنه «أبو المسرح العربي»، حيث إنه هو الذي جعل المسرح في العالم العربي جنساً أدبياً مرموقاً، واتسمت لغة أعماله المسرحية باليسر والمرونة، وحرص على أن يبرز فيها روح اللهجة العامية المصرية وبعض تركيباتها. وخلال دراسته الحرة في العاصمة الفرنسية باريس (1924-1928)، انشغل توفيق الحكيم بالتعرف على خصوصيات ثقافته العربية المصرية، وعلى ما يميزها عن الثقافة الغربية التي كان آنذاك في خضم طوفانها، وقد عبر عن هذا الانشغال في روايتيه «عودة الروح» (1933) و«عصفور من الشرق» (1938)، ومسرحيتيه «إيزيس» (1955)، و«الصفقة» (1956). وقد عُرِفَ توفيق الحكيم بلجوئه في أعماله إلى بصيرته وقلبه وموهبته الخلاقة وقدرته على المحاكاة وخلق الصور والشخصيات والمواقف أكثر من لجوئه إلى النظريات ومناهج البحث والتحليل، وتناولت كتابات الحكيم كثيراً من مفاهيم الجماعة والفرد والقانون والسلطة والعدل والحب، وأكد في هذه الكتابات على مفاهيم الحرية الفردية وعلاقة المواطن بالسلطة وبالمجتمع، كما استطاع الحكيم أن يؤسس كتابة رائدة في العالم العربي تجلت فيها مقدرته على المزج بين الرمزية والواقعية على نحو فريد يتميز بالخيال والعمق كما في مسرحيته «أهل الكهف». وقد عمل الحكيم مديراً لدار الكتب القومية، ومندوباً دائماً لمصر في منظمة اليونسكو، ورئيساً لاتحاد الكتاب المصريين، وكاتباً متفرغاً في جريدة «الأهرام». ومنذ أربعينيات القرن العشرين، دأب الحكيم على نشر أعماله المسرحية ومقالاته الفكرية في الصحف المصرية قبل نشرها في كتب، وترك الحكيم حوالي مائة مسرحية وأكثر من ستين كتاباً.