شهر مبارك ورمضان كريم للجميع، وتقبل الله الصيام والقيام والدعاء للجميع يارب العالمين، يبدأ شهر رمضان ككل عام بفرحة قدومه واحتفالية خاصة، وحالة استنفار متغيرة بالأسرة السعودية، ولعل من المتغيرات التي تتم هي "طعامنا" سواء بمنازلنا أو ما يقدم من خير وصدقات سواء بإفطار صائم أو نحو ذلك، وتصبح الأسواق بالأيام الأولى في حالة استنفار لا حدود لها. وهنا نقول للجميع بتكرار لا يتوقف ولا نمل، الوسطية في الإنفاق وعدم الإسراف، فلقد وصلنا مرحلة من الإسراف والتبذير في الطعام لا حدود لها، رغم أن الهدف هو الخير لمن يتبرع ويقدم للمحتاجين ولكنها ليست بضابط محكم ومنضبط بل جهود خير عشوائية، يمكن أن تنصب خيمة وتضع الطعام للجميع ولكل من يأتي، وهذا جيد ولكن هل الطعام بوزن يوضع بقدر من يطلبه ويكفيه فقط بلا إسراف أو تبذير؟ وهل يحفظ الطعام والمكان بعد هذا؟ في جريدتنا بالرياض هنا كان في يناير خبر وبالصفحة الأخيرة نصه "وما أشارت إليه التقديرات من أن نحو 12 مليون وجبة تهدر يوميا في المنطقة الوسطى ومنها جاءت فكرة إنشاء جمعية إطعام" وأضاف الخبر أيضا "حيث إن 30 -40% من دخل العائلات السعودية يصرف على المواد الاستهلاكية" وحين اضع "كما ذكرت بمقالي السابق" تقديرا للوجبة وهو 10 ريالات فإن الهدر اليومي يقارب 120 مليون ريال، وسنويا 43,8 مليار ريال وفق إحصاء جمعية إطعام او نحو ذلك، ولنا القياس ببقية مناطق المملكة كلها وهنا نحن نحسب الرياض فقط. ما أود الوصول له أننا نبالغ كثيرا في الإسراف بالطعام سواء بمنازلنا أو من خلال المطاعم أو المناسبات أو الآن إفطار صائم، وإفطار صائم عمل خير وطيب ومطلب، ولكن الأهم هو "ضبط" هذا من خلال الكفاية بقدر الحاجة، أي لا يكون إسرافا حد الهدر وبالتالي يكون مصيره سلة المهملات، وإحصاء الهدر يصعب قياسة بدقة، ولكن نسترشد ببعض الأرقام، وهذا الهدر يسبب عبئا على الأسر وتكاليف الحياة عليهم، هدر على الدولة بسلع مدعومة حتى الماء نفسه، فالدولة تتكبد مليارات الريالات في دعم السلع أو الخدمات، وأيضا يساهم برفع الأسعار من قوة الطلب خلال رمضان خصوصا بالشراء المحموم من الأسر سواء الخاص بها أو إفطار صائم الذي يلحظ فيه بعض المبالغات والتي تحتاج إلى تقنين وضبط حتى لا نصل مرحلة الإسراف المكلفة بلا مبرر او ضرورة، وعمل الخير لا يعني إسرافا ولا هدرا ولا تبذيرا فيمكن أن يعمل الخير بتوازن ووسطية وحفظ النعمة والطعام، ولن نصل للحالة المثالية وهذا مؤكد ولكن حين يكون الهدر بمستويات لا تفوق 3 الى 5% أفضل بكثير من هدر طعام قد يفوق 30 و 40% ولنا بمناسباتنا مشهد واضح كم يبقى من الطعام بعد المناسبة أو "العزيمة" لدينا؟. يجب أن نحفظ ونقدر النعمة والتي وهبنا الله سبحانه إياها والقدرة على الشراء والتملك بتقديرها وحفظها وليس من الكرم والوجاهة التبذير وكثرة الطعام، رمضان شهر صوم وخير ودعاء وقبول بإذن الله، فلا يكون شهر الهدر والتبذير يقول الله تعالي "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ".