عندما احتاج المعتقل البحريني في غوانتانامو جمعة الدوسري إلى قضاء حاجته أثناء مقابلة له مع محاميه الأمريكي جوشوا كولانجيلو بريان قام الحراس بمرافقته إلى زنزانة قريبة بها دورة مياه. ولكن حينما أبطأ الدوسري في العودة قام كولانجيلو بريان بطرق باب الزنزانة ونادى على الدوسري باعلى صوته. ولما لم يتلق كولانجليو بريان رداً اقتحم الزنزانة ليقع بصره على بركة دماء وقد غطت الأرضية. وعندما رفع كولانجيلو بريان راسه إلى أعلى راعه مشهد الدوسري المعلق في السقف وهو فاقد للوعي وقد جحظت عيناه وتدلى لسانه وتورمت شفتاه والدم يصب من جرح في ذراعه اليمين. ويعتقد بان محاولة الدوسري للانتحار قبل أسبوعين هي الحادثة الأولى من نوعها التي يطلع عليها شخص من خارج السجن وواحدة من عدة أدلة أشار لها المحامون والمدافعون عن حقوق الانسان بتنامي الشعور باليأس والإحباط وسط أكثر من 500 سجين في معسكر غوانتانامو. ويعتقد المحامون بان الدوسري الذي قضى عامين في الحبس الانفرادي قد وقت لمحاولة انتحاره حتى يكون هنالك شاهد على ذلك بخلاف حراسه وان تكون صرخة للمساعدة تصل إلى خارج أسوار القاعدة. وكان اكثر من عشرين معتقلاً قد دخلوا في إضراب عن الطعام وتجري تغذيتهم قسرياً. ويقول العسكريون في المعتقل بان عدد المضربين 27 سجيناً وان حالتهم مستقرة وتجري متابعة وضعهم الصحي عن كثب ويتلقون التغذية الصحيحة. وكان كولانجيلو بريان الذي يمثل الدوسري إلى جانب خمسة معتقلين بحرينيين آخرين قد رفض المزاعم التي تساءلت عن صحة الرسالة التي بعث بها الدوسري والمكونة من 17 صفحة ونشرتها عدد من الصحف. وقال كولانجيلو بريان ان مسألة التشكيك في الوثيقة يمثل إهانة له وللمحامين الذين تطوعوا للدفاع وإطلاق سراح المعتقلين. واضاف كولانجيلو بريان بان جمعة الدوسري سلمه عشرين صفحة تصف حالهم في المعتقل الأمريكي في يوليو الماضي. ويأتي الإضراب الاخير عن الطعام بعد ان فشل المسؤولون عن المعتقل عن الوفاء بالوعود السابقة التي قطعوها للمعتقلين خلال إضراب سابق لهم عن الطعام. وترفض السلطات العسكرية في المعتقل الأمريكي مناقشة الحالات الفردية للمعتقلين وترفض كذلك التعليق على قصة الدوسري. وقال الليفتنانت كولونيل جيرمي مارتن الناطق باسم السلطات العسكرية في غوانتانامو بان المعسكر شهد من قبل محاولة الدوسري 36 محاولة للانتحار من قبل 22 معتقلاً من مختلف الجنسيات بما في ذلك 3 محاولات خلال العشرين شهراً الماضية. واشار مارتن إلى ان سرعة التدخل في حالات الانتحار قد حالت دون وقوع وفيات. ويحاول المسؤولون الأمريكيون إعادة العديد من المعتقلين إلى بلدانهم غير ان العملية اتسمت بالتأخير والنزاعات الدبلوماسية. وكان خبراء من الاممالمتحدة مكلفين من قبل لجنة حقوق الانسان قد وافقوا أمس الأول الاثنين على دعوة الولاياتالمتحدة لزيارة قاعدة غوانتانامو بشرط التمكن من القيام بمقابلات شخصية مع المعتقلين. وكانت وزارة الخارجية الاميركية اعلنت الجمعة ان الولاياتالمتحدة دعت ثلاثة مقررين خاصين من لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة لزيارة سجن غوانتانامو «للتاكد من ان المعتقلين فيه يعاملون بطريقة انسانية». وقال خمسة مقررين خاصين مكلفين اجراء دراسة حول وضع المعتقلين في غوانتانامو في بيان مشترك نشر في جنيف «نرحب برسائل الدعوة الصادرة عن وزارة الدفاع الاميركية لزيارة مركز الاعتقال في قاعدة غوانتانامو باي في كوبا». واضافوا «ان هذه الدعوة هي النتيجة الملموسة الاولى لحوالي اربع سنوات من الحوار بين المقررين الخاصين للجنة حقوق الانسان والحكومة الاميركية». لكن هؤلاء الخبراء الخمسة «عبروا عن اسفهم الشديد» لان الدعوة لا تشمل الا ثلاثة منهم. كما اسفوا لان الزيارة «محصورة بيوم واحد ولانها تستثني بوضوح عقد لقاءات فردية او لقاءات مع معتقلين». وقالوا ان منع مثل هذه المقابلات «يسيء الى هدف القيام بتقييم عادل وموضوعي لوضع المعتقلين». ويفكر الخبراء الثلاثة بالتوجه الى غوانتانامو في 6 ديسمبر المقبل «بشرط ان يتمكنوا من الوصول الى كل المعتقلين واجراء مقابلات معهم». من جهتها انتقدت المنظمة الاميركية للدفاع عن حقوق الانسان «هيومان رايتس ووتش» الدعوة معتبرة اياها «مهزلة» وذلك خلال مؤتمر صحافي عقد الاثنين في جنيف. وقال كينيث روث رئيس المنظمة «انها مهزلة، ونامل في ان يرفضها المقررون الخاصون». وقال كولانجيلو بريان بانه يخشى من ان يفضل العديد من المعتقلين الموت على البقاء في الحبس لمدة غير معروفة. واضاف» صدمت ولكن لم استغرب اقدام الدوسري على محاولة الانتحار في 15 اكتوبر المنصرم على ضوء معاناته». واشار المحامي الأمريكي إلى انه يعلم فقط بان الطاقم الطبي بالمعسكر قد تمكن من انقاذ حياة الدوسري وان حالته مستقرة بعد ان خضع لجراحة لم يحدد طبيعتها. وقال كولانجيلو بريان وهو يصف الحادثة علانية لأول مرة» المعتقلون يرون الانتحار بانه الوسيلة الوحيدة المتاحة لهم لتقرير مصيرهم. الوسائل الناجعة المتاحة امامهم للاحتجاج على اوضاعهم هي ايذاء انفسهم اما من خلال الاضراب عن الطعام أو الانتحار». واشار كولانجيلو بريان بان محاولة الدوسري الأخيرة للانتحار لم تكن الأولى كما انها لن تكون الأخيرة. وقال مارتن بان الادعاءات بان المضربين عن الطعام على وشك الموت «زائفة تماماً» وان الاحتجاج الأخير قد بدأ في 8 اغسطس الماضي وشارك فيه 131 معتقلاً غير ان العدد تقلص كثيراً الان. واضاف مارتن» ان وسيلة الاضراب عن الطعام متوافقة مع تدريبات القاعدة وتعكس محاولات المعتقلين إلى لفت انتباه وسائل الإعلام إليهم وتشكيل ضغط على حكومة الولاياتالمتحدة». وكان الدوسري -03 عاماً - وهو والد لطفلة في الحادية عشرة من عمرها قد زعم بانه قد «تم بيعه» من قبل باكستانيين للولايات المتحدة كمقاتل عربي في تنظيم القاعدة. وقال الدوسري بانه تعرض للاعتداء الجنسي والضرب في المعتقل وقد حرم من الطعام والعلاج الطبي. وشرح بالتفصيل ما تعرض له من سوء معاملة ومهانة في المعتقل بلغت تدنيس القرآن الكريم امامه وإجباره على شرب ماء السيفون. وقالت مصادر عدة ان مئتي سجين شاركوا دوريا في حركة الاضراب عن الطعام التي بدأت خلال الصيف للاحتجاج على ظروف اعتقالهم. وتقوم السلطات العسكرية بتغذيتهم بانتظام بالقوة بمساعدة الحقن او الانابيب. ووصفت المحامية جوليا تارفر التي تعمل في اللجنة الدولية للصليب الاحمر التي زارت اخيرا معقتل غوانتانامو جلسات تغذية بالقوة تتسم بوحشية وكان بعض المعتقلين خلالها يتقيأون دما. وكتبت المحامية ان «انابيب يعادل قطرها الاصبع (...) تدخل بالقوة في انف المعتقل حتى المعدة بدون تقديم اي مخدر او مهدىء».