في بلدة حدودية يمنية، وقف الطفل محمد ذو الأحد عشر عاماً يحدق في الأفق البعيد ويحلم بمغادرة هذه البلدة والوصول إلى المملكة العربية السعودية لتحقيق أحلامه وبناء مستقبله. محمد شأنه شأن آلاف اليمنيين الذين دفعوا بأطفالهم للعبور إلى الأراضي السعودية في محاولة لإرغامهم على العمل باكراً وإرسال المال لأسرهم الفقيرة. الطفل محمد كان واحداً من أولئك الصغار الذين حاولوا عبور الحدود، ولكن يقظة حراس الحدود اليمنيين منعت محمداً ومرافقه البالغ من العمر 25 عاماً من تجاوز الحدود وتم إلقاء القبض عليها قبل أن يعبرا. ويبذل حرس الحدود على الجانبين جهوداً مكثفة لكبح جماح عمليات تهريب البشر غير الشرعية . وبعد القبض على الطفل محمد ومرافقه كشفا في التحقيق أنهما كانا يخططان للوصول للأراضي المقدسة والبحث عن عمل في مكة أو المدينةالمنورة. وقال محمد الموقوف في مركز تابع لحرس الحدود بمدينة حرض اليمنية «كل ما أريده هو الذهاب إلى السعودية والعمل في أي شيء» و أضاف » طلب مني أحد أصدقائي أن أعمل معه في السعودية لجمع المال لأسرتي، وأجبرني والدي على الذهاب معه لكسب المال» وكشف أن صديقه الذي حاول إدخاله للأراضي السعودية قد زُج به في السجن. ويبدو أن محمداً يخشى بطش والده إذا علم أنه لم ينجح في دخول السعودية والحصول على عمل، لذا يفكر دائماً في الهرب وسوف يستعد للمحاولة مرة أخرى. ودب القلق في صنعاء التي أصبح تجاوز الحدود ودخول المملكة الشغل الشاغل لكثير من سكانها. ووضعت الحكومة قوانين صارمة ضد الحراس الذين يسهلون مهام المهربين كما قامت العديد من المؤسسات الحكومية بمخاطبة الشعب وكشفت لهم المخاطر التي تنجم عن إجبار الأطفال على العمل بعيداً عن أسرهم وبشكل غير شرعي. وعلى الرغم من أن اليمن تعد واحدة من أفقر البلدان في الشرق الأوسط والعالم إلا أنها بدأت في تضييق الخناق على المهربين وأوقعت عقوبات صارمة في حق من يقبض عليهم و أصبحت العقوبات تشمل الآباء الذين يرغمون أطفالهم على مغادرة البلاد. وقال وزير الشؤون الاجتماعية السيد عبد الكريم الأرحبي «نعترف أن لدينا مشكلة لذا قمنا بالتدخل بشكل صارم وسريع وقريباً ستكون الأمور تحت السيطرة». وأوردت تقارير صندوق الطفولة التابع للأمم المتحدة اليونيسيف أن أكثر من 10 آلاف طفل يمني أبعدوا من المملكة في الشهور الثلاثة الأولى من العام الماضي كانوا يعملون في بيع السلع الغذائية والملابس بينما ألقي القبض على كثير منهم وهم يحاولون تهريب «القات المخدر» عبر الحدود. وأحياناً يكون لأولئك الأطفال أقارب في المملكة ويجدون عندهم ملاذا آمناً ويبحثون عن عمل مناسب. ولكن بمجرد أن يكشف أمرهم فسوف يتم ترحيلهم لبلادهم من جديد. وفي مقابلة مع عدد من الآباء اتضح أنهم مرغمون على إرسال أبنائهم للخارج لسبب بسيط وهو مد يد العون لأفراد الأسرة الفقيرة وتوفير كافة احتياجاتها. واتفق المسؤولون اليمنيون وموظفون من اليونيسيف على أن ما يحدث حالياً في الكثير من القرى الحدودية اليمنية يعتبر خاطئاً للغاية وقالوا إنهم بحاجة لإيجاد حلول أخرى لكسب المال دون تعريض الأطفال للخطر. وحتى تتوفر تلك الحلول، ستكون الحدود اليمنية «السعودية» مسرحاً للمزيد من محاولات التهريب وسوف يستمر الأطفال في محاولاتهم اليائسة لدخول المملكة والوصول للأماكن المقدسة للاستفادة من الفرص التي قد تتاح لهم في فترة الحج القادمة والحصول على عمل مربح أو التسول إذا تطلب الأمر.