يعتقد بعض الناس أن هناك علاقة بين الصرع وبين التخلف العقلي، وقد ثبت علميا أن الصرع بحد ذاته لا يسبب التخلف العقلي، ولكن إذا كان هناك تشوهات بالدماغ أو اعتلالات ناتجة عن نقص الأوكسجين وغيره فهذا يؤدي إلى عطب كبير في الدماغ مما ينتج عنه تخلف عقلي قد يصاحبه الصرع، وهذ الأمر الذي دفع بعض الناس للاعتقاد بأن الصرع مصاحب للتخلف العقلي وهو اعتقاد خاطئ. ومما أثبته التاريخ أن عظماء المخترعين والعلماء وبعض الشخصيات الهامة والتي وضعت بصمات كبيرة على وجه تاريخ البشرية جمعاء هم من المصابين بالصرع مثل اسحق نيوتن وفان غوخ ونابليون بونابارت، وهناك الكثير في الوقت الحاضر من المصابين بالصرع هم من حملة الشهادات العليا وأصحاب جهود علمية مميزة. والصرع هو مجرد نوبات عابرة تمر وتختفي ويمكن اعتبارها مثل الفواصل الصغيرة في الحياة مما أعطى المصابين القدرة على الإنتاج والإبداع في شتى ميادين الحياة، ولكن ومما يؤسف له أن نظرة المجتمع للمصاب بالصرع لا ترى هذه الأبعاد المضيئة في حالته، وتبقى تحافظ على التقليل من شأن المصاب بالصرع وربما وصمه اجتماعياً، وهو أمر خاطيء وغير لائق إنسانياً. ويتكون المخلدى للإنسان من فصين هما، الفص الأيسر ويختص عادة بالعمليات المنطقية واللغوية فيتعامل مع الكلمات، الأرقام، وتحليل الأمور الحياتية والعقلية؛ بينما يختص الفص الأيمن بالعمليات النظرية أو البصرية وتحديد الاتجاهات والأبعاد والتحليل العاطفي، وهناك أجزاء من الدماغ تعمل على استقبال المعلومات وحفظها في ذاكرة الإنسان وهي موجودة في الفص الصدغي في كلتا الجهتين من المخ، وعند إصابة هذه الأجزاء الأخيرة ببؤرة صرعية (وهي نقطة منشأ الصرع) قد يحدث في هذه الحالات اختلال في عملية الذاكرة وعادة ما تكون مؤقتة وهو أمر قد يؤثر إذا استمر لمدى فترات زمنية طويلة إذا لم يتم علاجه، وعندما ينشأ الصرع في أماكن أخرى من الدماغ فيكون تأثير ذلك على الذاكرة قليل، ولتوضيح هذه النقطة فإن تأثير الصرع يكون قليلاً إلا إذا أصاب الفص الصدغي بشكل مزمن وبدون علاج، أما في حالة علاجه فإن احتمالية تأثير الصرع تكون قليلة، وبناءً على ذلك يمكننا القول إن الصرع لاعلاقة له بالتخلف العقلي كما أسلفنا، ولكن هناك حالات صرع ترتبط بالتخلف العقلي لأن السبب هو وجود عطب كبير بالدماغ بسبب أمراض مختلفة، وهو الأمر الذي سبق وأشرنا إليه، وهذه الأمراض كما أسلفنا مثل تشوهات خلقية بالدماغ كالتهاب السحايا عند الأطفال ومشاكل الحمل والولادة مثل نزيف الدماغ ونقص الأوكسجين عن الدماغ وهذه جميعها تسبب التخلف العقلي وربما الصرع في آن واحد. إذاً فإننا يمكننا القول أن ما يعتقده بعض الناس بوجود علاقة بين الصرع والتخلف العقلي، وأن المصاب بالصرع هو حتما متخلف عقلياً إنما هو اعتقاد خاطئ ولا يستند إلى أي حقيقة علمية، بل إن الحقيقة فيما أثبته العلم والتاريخ من دور لعظماء على مر التاريخ كانوا مصابين بالصرع.