حملت حركة الأخوان المسلمين في الأردن في وثيقة أطلقت عليها «رؤية الحركة للإصلاح الشامل في الأردن» على الدولة الأردنية في كثير من سلوكياتها السياسية والاقتصادية، إذ تعتقد الحركة أن «اتجاهات الدولة الخاطئة في السياسة والاقتصاد منذ معاهدة وادي عربة الموقعة مع إسرائيل، قد «تسببت» في تراجع عن المسيرة الديموقراطية التي لاحت بوادرها بعد انتخابات عام 1989، وبتعثر اقتصادي متواصل». وقد أقرت قيادات الحركة - أكبر تيار معارض في البلاد - وثيقة «الإصلاح الشامل» التي تحمل رؤية الحركة للإصلاح المنشود في المجال السياسي والاقتصادي.. وأعلن أمين عام جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور أن الجبهة - الذراع السياسي للحركة - ستقوم بطباعة رؤيتها المتضمنة (16 محورا) قريبا جدا مطبوعة في كتيب لتوزيعها على الرأي العام الأردني. ومن المحاور أن مفهوم الحركة الاسلامية للإصلاح الشامل «يتطلب تطويرا كبيرا ونقلة نوعية في البنية والأداء للنظام السياسي بمختلف تشكيلاته القيادية التنفيذية والتشريعية والقضائية، وفي المجالات الاقتصادية والتربوية والاجتماعية والفكرية والهيكلية في الدولة على حد سواء». ورأت أيضا ان الحكومات المتعاقبة لم تتمكن من معالجة سلبيات هذه الاتجاهات «جراء» استشراء الفساد وغياب الجدية الكافية، ما شكل عبئا ثقيلا على الفرد والمجتمع وتراجع التنمية الشاملة. وأوضحت إن الحركة الإسلامية «تؤمن» بان الإسلام دين متجدد تتفاعل نصوصه وأصوله مع وقائع الحياة ومستجدياتها، في إطار مقاصد الشريعة العامة، لتتحقق من خلالها مصالح الأمة، وان الشريعة الإسلامية هي مصدر القوانين والتشريعات وهي نصوص ثابتة ومقاصد عامة، واجتهاد مستجد، يلبي حاجات التطور والتغيير، تأكيدا لخصائصه الإنسانية والعالمية الخالدة. وشددت الحركة على انها تؤمن بان التعددية السياسية والفكرية والحرية الدينية «منهج مستقر وبارز في فكر وممارسة الحركة الإسلامية»، مشيرة إلى إن الحركة تؤمن بالحوار الفكري والسياسي والتفاعل الايجابي مع مكونات المجتمع كلها. كما اكدت «ايمانها» بالدفاع عن الأردن إنسانا وأرضا وهوية، وصيانة الثقافة الوطنية وحمايتها، وحماية السيادة الوطنية والأراضي الأردنية من أي اعتداء، والمحافظة على الأمن الداخلي وتحقيق الاستقرار، والمحافظة على الوحدة الوطنية واستثمار التنوع الاجتماعي، وزادت ان هذه «مصالح وطنية عليا لا يجوز التفريط بها». وشددت المسودة على ان الوحدة الوطني «فريضة شرعية وضرورة حياتية»، واكدت رفضها لكل اشكال التمييز العنصري والطائفي والمذهبي والاقليمي والجهوي، مقدمة بذلك «المصلحة الوطنية على كل المصالح الفئوية والخاصة». وطالبت الوثيقة «بتوفير اجواء الطمأنينة والمناخات الدافعة» للمشاركة الجماهيرية، وسن التشريعات واتخاذ الاجراءات التي تحقق التمثيل الحقيقي للمواطنين في مختلف السلطات، وتوفير واحترام الحريات العامة للمواطنين في التعبير بالكلمة والتجمع والتظاهر السلمي والجهر بالرأي، وتشكيل جمعيات العمل التطوعي، والنقابات المهنية دون تدخل من أي جهة. كما طالبت سباخضاع» جميع اجهزة الدولة للرقابة المالية والادارية والمحاسبة من قبل البرلمان، ووقف كافة الاستثناءات التي «تستخدم مدخلا للفساد المالي والاداري وتفشي المحسوبية». ودعت الى «الالتزام» بالنص الدستوري في تحديد دور الاجهزة الامنية، و«وقف تدخلها» في الحياة والمؤسسات المدنية، الرسمية منها والخاصة، او هيئات المجتمع المدني، وان تخضع للمراقبة من قبل مجلس النواب. وشددت ايضا على اهمية استقلال القضاء استقلالا تاما بكل درجاته بما في ذلك الاستقلال المالي والاداري ومنع كافة سبل التدخل الحكومي فيه، سواء في التعيين او الترقية او الاجراءات. واقتصاديا، دعت الوثيقة الى «عقد» مؤتمر وطني تشارك فيه مختلف القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية، الرسمية والشعبية للتوافق على استراتيجية اقتصادية وطنية، ولفتت الى اهمية «وضع» حد للهدر في المال العام، بمراجعة التكاليف الحقيقية لكبار موظفي الدولة والمسؤولين والبرامج والاعمال في مختلف القطاعات. وطالبت بتوسيع الاستثمار في مجال الطاقة والبحث عن مصادر بديلة لمواجهة مشكلات الطاقة وارتفاع الاسعار، واكدت اهمية المحافظة على ملكية الارض الزراعية في الاغوار خاصة، وبشكل يحول دون انتقال ملكيتها الى غير ابناء الوطن. واكدت رؤية الحركة الاصلاحية على «ضرورة» اصدار التشريعات التي تصون العملية الاكاديمية والتعليمية في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي مما اسمته «العبث والمزاجية والمحسوبية واعتماد المعايير العلمية والاكاديمية النزيهة»، و ايجاد القدوة الحسنة في كل المجالات وخاصة في مراكز القيادة والتوجيه. اما في محور الاسرة فطالبت ببناء الاسرة على القواعد الشرعية باعتبار ذلك اساسا للمجتمع والنظام الاجتماعي المستقرين، والتصدي لكل الممارسات التي تبتغي اضعاف دورها وتوهين عرى واسس تكوينها، او تفكيكها او الخروج عليها، والمحافظة على الشخصية المستقلة والمتميزة للمجتمع بعيدا عن مظاهر التغريب والترف والاستهلاك والمباهاة. واعتبرت الوثيقة ان الحركة الاسلامية «شكلت دوما عاملا اساسيا في الاستقرار والحفاظ على هوية المجتمع ووحدته الداخلية، لكنها تعرضت ومازالت لحملات سياسية وأمنية داخلية منظمة، تهدف الى تحجيم تأثيرها ومشاركتها في قيادة الدولة والمجتمع.