بدأ الكونغرس الاميركي الجديد أمس بعد هزيمة الديموقراطيين في انتخابات نوفمبر ليعود مجددا الى سيطرة الجمهوريين الذي سيقودون من مقاعده المقاومة ضد باراك اوباما وعلى جدول اعمالهم اصلاحات اقتصادية وقوانين للتصدي لقرارات الرئيس الاميركي. وبدأ الكونغرس دورته ال 114 باكبر غالبية جمهورية في مجلس النواب منذ 1930، وباول غالبية جمهورية في مجلس الشيوخ منذ عهد الرئيس السابق جورج بوش. ويبحث الرئيس الأمريكي باراك أوباما والسناتور الجمهوري ميتش مكونيل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ عن نقاط اتفاق وهما يستهلان فصلا جديدا في علاقتهما التي ستظل على الأرجح باردة وإن اتسمت بالعملية. ففي الوقت الذي يسعى فيه الرجلان إلى تجهيز حزبيهما لانتخابات عام 2016 لاختيار خليفة لأوباما يحتاج الرئيس الأمريكي وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ إلى التوصل إلى وسيلة للعمل معا إذا كانا يريدان تخطي جمود تشريعي والتوصل إلى اتفاقات بشأن التجارة والضرائب والقضايا الاقتصادية. لن يكون الأمر سهلا. فأوباما (53 عاما) ومكونيل (72 عاما) ليسا مقربين ولا يجمع بينهما الكثير. وأضفى مكونيل حالة من التوتر على علاقته بأوباما حين أعلن عام 2010 أن أولويته هي أن يبقى الرئيس الديمقراطي في البيت الأبيض لفترة واحدة وهو حلم انهار مع انتخاب أوباما لولاية ثانية. ويخلق هذا جوا من عدم اليقين حين أصبح مكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ويحتفي الجمهوريون بأغلبية أكبر في مجلس النواب وهو ما يعطيهم ثقلا أقوى في مواجهة أوباما خلال عاميه الأخيرين في البيت الأبيض. وكان الجمهوريون قد انتزعوا السيطرة على مجلس الشيوخ في الانتخابات التي جرت في نوفمبر كما احتفظوا بأغلبيتهم في مجلس النواب. وقال آندي سميث مدير مركز الدراسات المسحية في جامعة نيوهامبشير "سيضطر الاثنان إلى السير على حبل مشدود". وفي طليعة اولويات الجمهوريين اصدار قانون يجيز بناء خط انابيب "كيستون اكس ال" بين كندا والولايات المتحدة. والمشروع يتطلب مبدئيا موافقة السلطة التنفيذية غير ان باراك اوباما يمتنع منذ ست سنوات عن اعطاء موافقته بسبب معارضة عدد من الديموقراطيين وانصار البيئة. ويعتزم الجمهوريون اعطاء الضوء الاخضر بقوة القانون للمشروع الضخم، وبالتالي تنفيذ وعدهم بالتصويت سريعا على قوانين تنشئ وظائف. ومن المقرر التصويت في مجلس النواب الجمعة لاعطاء الضوء الاخضر لخط الانابيب ومن المتوقع ان يتم اقراره بسهولة نظرا الى الغالبية الجمهورية الواسعة. وبموازاة ذلك سيجري بحث اقتراح قانون مماثل في مجلس النواب حيث تعقد جلسة استماع اليوم ووعد زعيم الغالبية الجديد ميتش ماكدونيل بعملية تصويت سريعة بعد مناقشات تبقى مفتوحة على اي تعديلات. ويرى الجمهوريون ان النمو الاقتصادي يمر عبر تطوير قطاع الطاقة وهم يؤيدون زيادة عمليات التنقيب عن النفط ولا سيما في الاسكا وازالة القيود المفروضة على تصدير الغاز الطبيعي المسيل والنفط الخام حيث ان البنزين والمنتجات المكررة يجري تصديرها بشكل حر. كما سيطرح نظام الضمان الصحي الذي شكل ابرز انجازات اوباما في ولايته الرئاسية الاولى والذي يعرف ب "اوباما كير"، لدى استئناف الدورة التشريعية ويدعو المحافظون الاكثر تشددا الى تصويت رمزي لالغاء قانون اصلاح النظام الصحي الذي يفرض الزاما الاكتتاب ببرنامج تامين صحي تحت طائلة غرامة. لكن من المرجح ان يكون القادة الجمهوريون واقعيين وينظمون في مهلة سريعة عملية تصويت على قانون يرفع من ثلاثين الى اربعين ساعة عمل اسبوعي عتبة الدوام الذي يترتب اعتبارا منه على ارباب العمل اقتراح تامين صحي لموظفيهم، سعيا في نهاية المطاف الى الغاء شق اساسي من الاصلاح من خلال التقدم بخطى صغيرة متتالية. ولا يعرف بعد ما اذا كان الكونغرس سيتمكن من الالتفاف على فيتو رئاسي محتمل. ولم يستخدم اوباما الفيتو الرئاسي سوى مرتين خلال ست سنوات وضد تدابير غير مثيرة للجدل كثيرا، مقابل 12 مرة لسلفه جورج بوش (في ثماني سنوات)، 37 مرة لبيل كلينتون (في ثماني سنوات) و365 مرة لفرانكلين روسفلت (في 12 عاما)، بحسب ارقام مجلس الشيوخ. لكن في مواجهة كونغرس يسيطر خصومه على مجلسيه، فان الرئيس الاميركي قد يلجأ الى هذا الاجراء بشكل متزايد. وللتغلب على فيتو، يتعين على كل من مجلسي الكونغرس اعادة التصويت على النص بثلثي اعضائه، وهي عتبة تتطلب انضمام العديد من الديموقراطيين الى زملائهم الجمهوريين.