ضمن فعاليات ملتقى التراث العمراني الوطني الرابع وبإشراف ودعم من الهيئة العامة للسياحة والآثار نفذ الدكتور علي مرزوق والفنان عبدالله البارقي جدارية تشكيلية بمساحة 720 مترا مربعاً، كواحدة من أكبر الجداريات مساحةً في المملكة بجوار مسجد الملك فيصل بابها، ومقابل نادي أبها الأدبي، وذكر الدكتور مرزوق بأن تمثل العمارة التراثية في منطقة عسير وما يرتبط بها من عناصر فنية وجمالية وزخرفية، استخدم فيها ألوان الأكريلك مؤكداً على أن فن الجداريات بصفة عامة هو فن قديم، ارتبط بالإنسان منذ آلاف السنين، قبل أن يعرف القراءة والكتابة على جدران الكهوف لتكون شاهدة على تفوقه ونجاحه في التغلب على قسوة الحياة، وعُرفت الصور الجدارية في التصوير الصيني القديم، كما عُرفت كذلك خلال العهد الساساني، واستخدم في تنفيذها ألوان الفسيفساء التي انتشرت كذلك في الكنائس البيزنطية. كما عرفت خلال العصور القديمة لدى حضارات وادي الرافدين، ومصر والشام وفارس وآسيا الصغرى. ولأن الرسوم على حوائط الكهوف كانت مردومة بطبقات قديمة من الملاط بعضها يحتوي على مخلفات وبقايا ترجع إلى أزمنة معينة، فقد ساعد ذلك على الحفاظ عليها بعيداً عن أيدي العابثين إلى أن قام الآثاريون بإظهارها. ومع التطور والتقدم الصناعي الذي ساهم بشكل فاعل في صُنع كل ما يحتاجه الإنسان في حياته المختلفة؛ حظي الفن التشكيلي عن غيره من سائر أنواع الفنون بنصيب وافر من الخامات الفنية المتنوعة، سواء كانت تلك الخامات قاسية ومتماسكة كالخشب والحجر، أو لينة كالفخار وألوان الزيت؛ لتكون في مجملها خلاصة التجارب والاكتشافات الصناعية التي توصل إليها الإنسان منذ نشأته، ولتحكي لنا قصة المواد المستعملة في الفنون التشكيلية على مر العصور. فتعددت بذلك التقنيات المستخدمة في التصوير الجداري حاضراً. وامتد هذا الاهتمام حتى العصور الإسلامية التي كانت على موعد مع تزيين المساكن بالتصاوير الجدارية، وعسير لم تكن بمعزل عن هذا التأثر؛ فكان لها نصيب مع الإبداع والجمال فجاءت مساكن أهلها مزينة بأعمال حائطية تعكس بيئة المنطقة وطبيعتها، وتواصل العطاء لتتزين المنطقة بأعمال جدارية لفنانيها التشكيليين المعاصرين الذين سجلوا انطباعاتهم وأفكارهم وتطلعاتهم، وكل ما تقع عليه أعينهم من مظاهر تصور البيئة، وتعد هذه الجدارية واحدة من هذه الاعمال التي سوف تضيف لمسة جمالية على مدينة أبها لما تمثله من بعد جمالي وسياحي يعكس ما تمتاز به المنطقة من تراث معماري متميز ومتنوع بتنوع بيئات المنطقة، كل ذلك وما يرتبط بها من قيم فنية وجمالية وزخرفية تؤكد على الحس الجمالي لأبناء المنطقة؛ لذا اردنا أن نوظف كل ذلك في عمل جداري وبألوان زاهية براقة تعكس الجمال، وتحقق مفهوم الأصالة والمعاصرة، أصالة التراث المعماري والزخرفي لمنطقة عسير، وعصرانية الفن التشكيلي المعاصر بتقنياته الحديثة. مرزوق والبارقي خلال عمل الجداريات