كتب ملفي الحربي في جريدة الرياض ليوم السبت المنصرم 28/8 في العدد (13613) تقريراً عما يدور في تحويل مجمع القيروان التعليمي في مدينة بريدة إلى مجمع خاص بالطلاب المتفوقين، وقد طرح الزميل مقابلات مع أربعة من أولياء أمور بعض الطلاب الذين لم يقبل أبناؤهم في المجمع بعد تحويله للمتفوقين لكونهم لا ينضوون تحت زمرة التفوق، وفحوى اعتراضهم هو أن يكون المجمع مفتوحاً وليس حصراً على المتفوقين فقط. زميلنا الحربي نقل مقولاتهم بموجب عمله الصحفي، والرأي والحق لمن ينقد ويتحرى الصواب، ولعل مما يثقل علينا كمواطنين غياب النظرة البعيدة لكثير من الأمور التي يخطط لها ويتفاءل بها خيراً. لقد تكشفت الملحوظات التي أبداها أولياء أمور الطلاب الرافضين تحويل المجمع إلى مجمع خاص بالمتفوقين عن قصر نظر وعدم إدراك لما نحن ننشده من أبنائنا الطلاب، ولما تحتاجه هذه البلاد من أجيال لها ثقلها في مسيرة الحياة وتطويرها، فكان أن ألقوا باللوم على مدير التربية والتعليم في القصيم الأستاذ صالح بن عبدالله التويجري، وغاب عنهم أن الأمر كله وجله ماهو إلا تنفيذ لسياسة وزارة التربية والتعليم في تخصيص مجمعات خاصة تحتوي تلك الكوكبة من الطلاب المتفوقين الذين حباهم الله ذكاء ينقطع نظيره. إن الوزارة لتسعى سعياً حثيثاً لتطوير سياستها خدمة للأجيال القادمة والحاضرة، وتعنى بهم أشد عناية، وهو أمر معمول به في كافة الدول العربية فضلاً عن الدول الأوروبية، فعلام لا نواكب تطلعاتهم التي نرى أنها صواب؟! على أن هذه السياسة يجهلها كثير من أولياء أمور الطلاب، فتجد أن كثيراً منهم شأنه وغاية مطلبه ان يقبل ابنه غير المتفوق مع الطلاب المتفوقين، غير عابئ بما يحدثه من خلل تحصيلي على الطلاب المتفوقين. لا ريب أن هذا أمر غاية في الخطورة، وتوجه ينخر في جسد التطور كما السوس في الثمر، بل قد يصل الأمر إلى الأنانية التي تقصي حقوق الآخرين، وغياب الاهتمام بهم جد وخيم لو سبحنا عكس تيار التقدم والتطور الذي شمل العالم بأسره. ومهما يكن من شيء؛ فإن الناظر إلى المدارس الأهلية يلحظ السباق المحموم فيما بينها لتفوز برضا أولياء أمور الطلاب لتكسبهم في صفهم، فكيف بنا وقد اتيحت لأبنائنا فرصة التعليم المجاني وعلى نظم وآليات قد تفوق ما يوفره القطاع الخاص بمدارسه الأهلية لأبنائنا. وبنظرة اخرى الى المستقبل المنتظر بما يعود على بلادنا من حصد ثمار الاهتمام بهذه الثلة من المتفوقين، سنجد توليهم المناصب التي تتوافق وميولهم وما أعطاهم الله من المواصلة والتزود المعرفي، حتى أصبحوا رجالاً يعتمد عليهم في شتى اختصاصاتهم. من كان يحلم ان يكون في مدينة بريدة مجمع خاص بالطلاب المتفوقين، وهانحن نرى مجمع الأمير سلطان للمتفوقين يؤتي ثماره يانعة ودانية، وقد كان له الأثر الفاعل في تخريج دفعات توجهت إلى الجامعات لتتخصص في تخصصات دقيقة قد لا يقدر عليها غيرهم؛ والآن نرى مجمع القيروان التعليمي وقد اصبح يضارع مجمع الأمير سلطان للمتفوقين، وهنا نعلم ان رجالات التربية والتعليم في منطقة القصيم لا يألون جهداً في السعي الحثيث إلى تنفيذ سياسة الوزارة، وجعل منطقة القصيم تعج بالمتفوقين، بل تحفل بتخريجهم كل عام وقد أصبحوا سلاحاً ضد التقهقر والانغلاق. لا يسعني هنا إلا أن أقدم شكري وتقديري إلى رجل التربية والتعليم الأستاذ صالح بن عبدالله التويجري على ما يبذله من جهود جبارة للعناية بطلابنا المتفوقين والاهتمام بهم، وإيجاد البيئة المناسبة لقدراتهم العقلية التي من الله بها عليهم، وإلى كل رجل تربوي أخذ على عاتقه الرفعة والسمو بجهاز التربية والتعليم في بلادنا الحبيبة، وأملي أن يتفهم أولياء أمور الطلاب المصلحة العامة التي لا يقدر حجمها من نظر بمنظار ضيق.