يبدو أن الأحداث المتسارعة التي يمر بها الاقتصاد العالمي وتأثره بالأوضاع السياسية أوجدت نوعا من عدم الاستقرار في معظم الأسواق العالمية لقطاع النفط وأسواق الأسهم، وهذه الأحداث سيكون لها ارتباط مباشر وغير مباشر على اقتصادنا. سوقنا العقاري يعيش الكثير من التقلبات بسبب الأوضاع الداخلية للسوق والتي نتج عنها نوع من الركود خلال السنتين الماضيتين بسبب ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات وتجاوزِها القدرة الشرائية للمواطن، وكذلك الكثير من القرارات التي صدرت بهدف تنظيم السوق. الهبوط الحالي والحاد في أسعار النفط وسوق الأسهم جعل الكثيرين يترقبون ما ينتج عن هذا الهبوط الذي سيكون في مصلحة من لديه سيولة نقدية والذي سيوجهها بالشكل الصحيح ويختار الفرص المناسبة، والمتوقع أن الغالبية ستنتظر إلى أي حد سينخفض سعر النفط، لأن هذا سيسهم في تخفيض أسعار العديد من السلع والمنتجات المرتبطة بالبناء والتشييد. هناك من يرى أن العقار سوف ينهار وأن الأسعار ستهوي إلى أرقام كبيرة، وهذا ليس دقيقاً، لأن المشكلة الرئيسة أنه سوق غير ناضج، والدليل أن جميع القرارات والتصريحات ومشاريع الإسكان لم يكن لها ذلك التأثير الكبير ولم تتسبب في الانهيار، صحيح أنها ساهمت في الحد من الارتفاع ولكنها لم تنهار خاصة أن العقار السكني يمكن الاعتماد على مردوده الإيجاري الذي مازال مرتفعاً. انخفاض أسعار النفط سيؤثر على القطاع العقاري، ولكنه متدرج، وقد يكون على سنوات، والتأثير المباشر سيطال الأراضي البيضاء خارج النطاق العمراني مع وجود حركة تصحيحية لها، وهذا حاصل حتى قبل انخفاض أسعار النفط. سيكون من الصعب على ملاك وأصحاب الأراضي تسييل أصولهم العقارية لأن الوقت غير مناسب كما أن معظم هذه الأراضي يملكها أفراد ومؤسسات ليسوا بحاجة للسيولة وهي جزء من استثماراتهم طويلة الأمد. تأثر السوق العقاري بهبوط أسعار النفط لن يظهر بشكل سريع إلا في حال تدنى سعر البرميل بين 20 و30 دولاراً عندها قد يظهر تأثير ذلك على السوق العقاري، وسيتسارع كلما استمرت أسعار النفط بالهبوط أكثر، هذه الانخفاضات قد تشكل أزمة للبنوك التي لديها رهونات عقارية، وكلنا يعلم أن الرهن العقاري لم يبدأ تطبيقه إلا قبل مدة قصيرة. التصحيح وانخفاض الأسعار وارد ومؤكد خلال الفترة المقبلة ولكنه نسبي ومتدرج وقد يحتاج إلى سنوات، أما الانهيار وانفجار الفقاعة فهي ليست في قاموس سوقنا عطفاً على المعطيات التي يتمتع بها، ولأسباب جلية ومنها الطلب على الأراضي والمساكن رغم وجود الكثير من الأراضي غير المستغلة داخل وخارج النطاق العمراني للمدن، ويبقى الواقع سيد الموقف لأن معظم ملاكها من أفراد ومؤسسات يتمتعون بالنفس الطويل ولديهم القدرة على الاحتفاظ بها لعقود وليس لسنوات.. ولن يتخلصوا منها إلا بفرض رسوم عليها.