وإذا كانت الولاياتالمتحدة وباكستان وغواتيمالا قد تعرضت لكوارث طبيعية، فنحن أيضا نتعرض لكوارث من صنع أنفسنا لاتقل عن كوارث هذه البلدان خطورة وجرائر، فالكوارث التي تصيب هذه البلدان تحدث كل عشرين أو ثلاثين سنة، أما الكوارث عندنا فتحدث كل يوم، ولذلك فإنها تعتبر كوارث لأن حجم ضحاياها لايقل عن حجم الكوارث الأخرى التي تحدث في هذه البلاد، ويتضح ذلك إذا جمعنا عدد الذين يموتون كل يوم من جراء الجمال السائبة والإطارات التالفة والطرق التي انتهت صلاحيتها منذ زمن طويل، وتهور السائقين، والمشوار اليومي الذي يصل إلى مئات الكيلومترات والتي تقطعه عشرات الآلاف من المعلمات ويودي بحياة الكثير منهن، والسيول التي (تفاجئنا من حين إلى آخر، وأقول تفاجئنا لأننا لا نستطيع أن نتنبأ بها) هذا عدا عن المنازل المنهارة والمحترقة، ثم مياه الصرف التي تختلط بمياه الشرب التي تتسبب في مرض الكبد الوبائي المعدي والذي يقال إن 14٪ من الشعب السعودي مصابون به، والمستنقعات التي تفترش الشوارع والتي تخلفها مياه الأمطار وغسيل السيارات وتبديل مياه برك السباحة مرتين في العام والتي يتخذها البعوض مزارع له ينتج عنها وباء الملاريا الذي أصبح وباء مقيما وكذلك حمى الضنك التي توشك هي الأخرى أن تصبح وباء مستوطنا، دون أن ننسى البيارات المفتوحة والتي يموت فيها مئات الأطفال كل عام، وأخيرا وليس آخرا الجديد الذي حل أخيرا ضيفا علينا وخاصة في شهر رمضان وهو اللحوم المجمدة التالفة والتي أصبح مع الأسف يشتريها أصحاب السوبر ماركت ويذيبونها ويبيعونها على أنها لحوم محلية طازجة، وقد قرأت أخيرا خبرين عنهما أحدهما في صحيفة الوطن العدد رقم 1836 الصادر بتاريخ 6 رمضان 1426ه الموافق 9 أكتوبر 2005 جاء فيه أن بلدية جدة أتلفت طن 300 طناً اللحوم كانت معروضة في أسواق وسوبرماركات كبيرة، أما صحيفة المدينة فذكرت في عددها رقم 15510 أن 90٪ من مراكز جدة تتحايل على المستهلك، وطبعا يجب أن نمتنع عن شراء هذه اللحوم، ولاتقل لي إن الحل هو في أن نذهب إلى المسلخ ونشتري الذبيحة بعد أن تذبح أمامنا، إذ أن الرقابة البيطرية ضعيفة في المسالخ، والكوسة منتشرة فيها ولهذا فلا يوجد ضمان بأن هذه الذبائح خالية من الأمراض التي تنتقل إلى الانسان، والمراكز الكبرى ليست هي الوحيدة التي تبيع اللحوم المجمدة التالفة بل إن المطاعم السريعة تستخدمها في الهمبورجر، وأمس الماضي فقط كادت ابنة أختي وزميلة لها أن تموتا بعد أن تناولتا همبورجر من أحد المطاعم الأميركية المشهورة، ولكن ما الحل؟ لا أعتقد أن أي رقابة مهما كانت فعالة ومحكمة ستحول دون هذه الكارثة أو الكوارث، كما أعتقد أننا لايمكن أن نثق في تجار فقدوا وازعهم الديني ووعيهم التجاري وأعماهم الجشع والكسب السريع.