شفت كاتبة أمريكية امس أن السفير السعودي في واشنطن، عادل الجبير كان يعلم بمحاولة اغتياله منذ عدة أشهر، ورغم ذلك أخفى الخبر عن العاملين معه وأفراد أسرته، وظل يواصل حياته بشكل طبيعي، حتى تم الإعلان عن تفاصيل المؤامرة، وحينها قال للعاملين في السفارة: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"، مشيراً إلى أن هذه المؤامرة "تزيد من تصميمنا على مواصلة عملنا". وفي مقال بعنوان "سفير الهدوء" للكاتبة الأمريكية مورين دود، في صحيفة "نيويورك تايمز" امس الأحد، قالت: "منذ عدة أشهر، جلس الجبير هادئاً، يستمع إلى مسؤولين أمريكيين يسردون عليه تفاصيل المؤامرة الإيرانية المذهلة لاغتياله، ومع توالي الأدلة من أموال تم تحويلها، وشرائط عليها كلمات المتآمرين، تأكد الجبير من حقيقة المؤامرة، وتقول الكاتبة عن الجبير، كان على وجهه ابتسامة جافة وهو يقول: "في البداية لم أصدق ما أسمعه، لكنني في النهاية علمت، أن هؤلاء الأوغاد يعرفون كيف يفسدون على الإنسان يومه". وتضيف الكاتبة: "منذ تلك اللحظة، كان على عادل الجبير أن يواصل حياته بشكل طبيعي، دون أن يخبر حتى أسرته أو العاملين معه بالسفارة". وفي اللحظة التي أصبح فيها المتهم الأول تاجر السيارات، منصور أرببسيار، أمام القاضي، جمع الجبير العاملين بالسفارة الذين هزتهم المفاجأة وقال لهم: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"، وأضاف: "هذه المؤامرة تزيد من تصميمنا على مواصلة عملنا، وإذا لم نفعل ذلك، يكون هؤلاء الأشرار قد انتصروا علينا"، وبعدها حياه العاملون بحفاوة بالغة. أما أسرته فقد أصيبت ب"صدمة"، وتلقى اتصالاً هاتفياً وراحت ابنتاه التوأم، 9 سنوات، المفزوعتان، تمطرانه بالأسئلة، وأكد لهما أنه كان هناك "شخص شرير، لكن لا خطر منه"، ثم سألتاه: "ومتى تعود إلى الوطن"؟ وتضيف الكاتبة: "لقد كشف لي الجبير عن دهشته باعتقاد المتآمرين أنه يتناول طعامه في مطاعم عصرية؛ لأنه يفضل البقاء بالمنزل مع ابنتيه التوأم، ومع ابنه ذي التسعة أشهر، ويقول: "إنني أعمل كثيراً، ثم أستمتع بالجلوس في المنزل، إنني أقطع رحلة ال 12 ساعة طيران إلى الرياض عدة مرات كل شهر". وحين سألته الكاتبة عن سبب استهدافه، وهل يعود ذلك إلى موقفه المتشدد من إيران، قال الجبير: "عليك أن تسألي الجناة، فنحن نقوم بما يجب علينا القيام به، ولا ندع مثل هذه الأمور تعوقنا". وتقول الكاتبة: "لقرون طويلة كانت حماية البعثات الدبلوماسية مبدأً أصيلاً في العلاقات الدولية، ولو قامت كل دولة بقتل مبعوثين لا تحبهم، لانتهى بنا الأمر إلى قانون الغاب". وتضيف الكاتبة: "لقد كانت مؤامرة اغتيال الجبير غريبة، وتنافست نظريات المؤامرة في تفسيرها، لكن الذي أجمع عليه العديد من المحللين، أنه لو نجحت هذه المؤامرة، فكانت ستلصق بتنظيم القاعدة ويقال حينها إن القاعدة أرادت الانتقام لمقتل زعيم التنظيم السابق أسامة بن لادن". ويقول كثيرون إن إيران، المصابة بهوس استعادة عظمة الإمبراطورية الفارسية، قد أفلتت بجرائمها من العقاب لثلاثة عقود من الزمن، منذ تفجير السفارة الأمريكية في بيروت عام 1983م، ثم تفجير الخبر عام 1996م، ونشاطها في العراق، والآن وهي تحاول الحصول على سلاح نووي، لم يعد مقبولاً الصمت حيال طهران. وفي إشارة من طرف خفي إلى علاقة السعودية بإيران، تنهي الكاتبة بالحديث عن صورة في مكتب الجبير، لمجموعة من رجال القبائل يمتطون الخيول ويركبون الجمال، وقال عنها الجبير: "إنها عمل فني"، وأضاف: "الجمال لا تسابق الخيول، إنهم يتسابقون منفصلين؛ فالخيل تجري أسرع، لكن الجمل يذهب إلى مسافات أطول".