عندما نظلم أنفسنا ..!! جميعنا يرغب في أن يحي حياة سعيدة يملها الفرح والسعادة ولا يعكره شيء ، والجميع يسعى إلى ذلك بكل الطرق منها الطرق السليمة ومنها الطرق المتعرجة المظلمة التي تكون نهايتها محزنة مخزية ، وذلك نتيجة الغفلة والجهل ، فالحياة بلا شك مليئة بالمغريات التي تضعف عزيمة المجتهد وتقلل من حفاظه على مبادئ دينه وثباته فمنذ أن خلق الله البشر وهو في اختبار مع مغريات محيطه فهذا آدم وحواء عندما أكلا من الشجرة شعرا بالخطأ ، وكان الخطأ هو في عدم قبول النصيحة ، لأن المسألة لم تكن مسألة تكليف شرعي يستحق العقاب من الله ، بل كانت مسألة إرشادية يراد من خلالها إيجاد مناخ تربوي يجعل آدم أقوى مما هو فيه ، وأكثر حذراً وأكثر انفتاحاً على ما يدبره إبليس. فالإنسان دوماً في جهاد مع النفس أما أن ينتصر عليها أو تنتصر عليها ، ويا ويل من تنتصر عليه نفسه فهو في حياة ظاهرها ممتع وباطنها مؤلم ، يزين لنفسه الأوقات طامعاً في الفوز بحياة الانتصار ولكن السواد هو طابعها ولونها فهو لا يستطيع أن يظهر أفعاله وتصرفاته فهو يقوم بها خفية مبتعداً عن أعين الناس يخطط ألف مرة قبل أن يفعل أي تصرف يحسب حساب كل خطوة متظاهر بالنزاهة والطهر وفي وداخله صراع مع الضمير وخوف من انكشاف أفعاله فتتحول الأمور ضده ويسقط من عيون المحيطين به يستصغره كل من كان يثق به ويستنقصه من كان في الأعالي يضعه. ما أكثر من وضعنا ثقتنا بهم وتصورنا أنهم أسوياء عقلاء لا يمكن لمغريات الحياة أن تزعزع ثباتهم وما هي الأ أيام طالت أم قصرت وينكشف الغطاء ويظهر ما كان يخفيه الظلام الذي أوجده ذلك الشخص لأفعاله وتصرفاته (ستبدي لك الأيام ما كنت جاهله ... ويأتيكِ بالأخبار ما لم تزود) ، فمهما فعل فلن يستطيع أن يستمر في أخفاء أفعاله وخططه فشمس الحقيقة لا يمكن أن تستمر في حجبها الغيوم ، وحتى وأن لم ينكشف أمره يضل هو الخاسر الأول والأخير. لذلك للنفس حقاً على الإنسان أن يكون عادلاً معها قبل أن يكون عادلاً مع الآخرين ، وذلك بأن يوجّهها إلى ما فيه راحتها ومنفعتها وسلامتها في الدنيا وفي الآخرة ، فمن وجّه نفسه إلى ما يتعبها ويضرها ويهدد سلامتها فإنه يظلم نفسه بلا شك. قال الله تعالي : ( وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [النحل:33]. المهندس/عبدالله العمودي