النظرة الأوبامية الذكية للقيم الإسلامية خطاب الرئيس باراك اوباما كان حديث الشارع على طول العالمين العربي والإسلامي بكل شرائحه سواء النخبة أو عامة الناس.. بكل تأكيد الرئيس اوباما كان من الذكاء بمكان مما جعله يستجمع شئون العالمين العربي والإسلامي سواء من حيث بداية برنامج زيارته جغرافيا حيث بدء في المملكة العربية السعودية حيث الثقل الإسلامي والوزن الاقتصادي الكبير والسياسي المؤثر في الشئون الإقليمية وانعكاس ذلك على الشئون الدولية ..وكذلك في محطته الثانية لدولة مصر الشقيقة حيث الحضارة التاريخية والمكانة المحورية سياسيا وجغرافيا في العالم العربي وفي كلا المحطتين ركز على الشراكة والاحترام لتحقيق مستقبل أفضل للجميع . وذلك يجعلنا ندلف للجانب القيمي والأخلاقي في خطاب الرئيس والذي بلاشك يتضح انه قد تم صياغته بعناية فائقة من قبل خبراء متخصصين في شتى العلوم, وبطبيعة الحال هذا الجانب من خطابة أيضا فيه ذكاء حيث أن لغة الخطاب اختلفت عن لغات بعض ممن سبقوه على الأقل في حقبة إدارة الرئيس بوش الابن من حيث انخفاض نبرة الاستعلاء ومكانة الدولة العظمى , لذلك تناول اوباما نصوص من القرآن الكريم تؤكد على التسامح والكرامة واحترام الإنسان وكذلك العدالة في الحقوق وتوطيد الأمن وبنفس الوقت أكد على قضية الشراكة مع العالم الإسلامي كنوع من إيجاد أرضية مشتركة لتبادل المصالح. كما ثمن منجزات واختراعات العلماء المسلمين الأوائل في العلوم والفلسفة والأدب والفنون كإسهامات حضارية إسلامية عظيمة آثرت بشكل كبير عمق الحضارة الإنسانية.. وثمة أمر أخر ومهم جدا في منظومة القيم ألا وهو حديثه في النقطة السادسة من خطابه عن المرأة واحترام حقوقها في التعليم والعمل وهو حق مشروع ولكنه بنفس الوقت أكد على احترام حق المرأة المشروع في الحجاب وأنه ليس بأكثر أهمية من حقها في التعليم والعمل وهو الأهم و مما سيتم الدفاع عنه بقوة ..وحقيقة هنا نجد الرئيس اوباما كان أكثر صراحة في احترامه لحرية التدين وما له من مقتضيات من حيث حرية الحجاب سواء في أمريكا أو خارجها حيث لغة الخطاب كانت سمته العموم..وهو بذلك يحترم هدي القران وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في حرية المعتقد ومقتضياته وهو للأسف مما قد يكون مفقود في بعض الدول الإسلامية ,بينما ركز على ما هو أهم من حيث كفالة الحق المشروع في التعليم والعمل وأهمية الدفاع عن تلك الحقوق., بينما لم يستغرق في أمور هامشية مما لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يخدم رسالة وهدف المرأة في الحياة ,و هو مما قد يزمر ويطبل له وللأسف بعض أبناء جلدتنا ممن يغردون خارج السرب ..وليت قومي يعلمون..ويتعلمون ..! إذا هناك أمران مهمان إلا وهما الدين والمرأة وهما مما اشغل بال الكثير في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ممن يعتقدون أن تخلفنا يعزو لذلك ..حاشا لله... وان كنا لسنا بحاجة لشهادة احد ليؤكد عمق قيمنا ومدى أهميتها ولكن لثقتنا بديننا وقيمه الخالدة حيث انه صالح لكل زمان ومكان وكذلك عظيم قناعاتنا أن للمرأة دور كبير تستطيع أن تسهم من خلاله وقد أسهمت بالفعل وبلغت أرقى الأماكن علميا وثقافيا وتربويا بما يمكن أن تخدم وطنها ودينها وهي محتشمة, ولكن كلمة رئيس اكبر دولة عظمى في الزمن المعاصر هي محل الاحترام و ربما يكون لها اثر لدى البعض ممن يرى أن قناعته قد تتغير عندما يكون الخطاب من الغرب..! بقي أن نقول أن علينا أن لا نتأرجح بين معسكرين سواء ممن هم مستغرقون بالتفاؤل لدرجة التخدير .وبين ممن هم متشائمون لدرجة الإهمال والتجاهل على انه لا جديد في السياسة الأمريكية للرئيس اوباما.. طبعا للغرب مصالحه ولنا مصالحنا كعرب ومسلمين وكما يقول المثل الشعبي (الذيب ما يهرول عبث) وان أحسنا النية في التعاطي مع التوجه الجديد لسياسة إدارة الرئيس اوباما والتي هي تختلف جذريا مع سياسة سلفه بوش الابن ..ولكن النوايا وحدها لا تكفي فلن يكون الغرب احرص منا على مصالحنا وان جمعتنا معهم بعض المصالح ..فهم يدركون أن الشرق الأوسط خصوصا والعالم الإسلامي عموما يتمتع بثروات طبيعيه كبيرة وأهمها النفط وهي عمق استراتيجي وكذلك وبنفس الوقت هذه البلدان العربية والإسلامية فيها أسواق كبيرة جدا و تستوعب الكثير من السلع والبضائع الأمريكية كما أن هذه البيئة لازالت خصبة وفيها استثمارات واعده وبشكل هائل.. ومن هنا يبدو لي والله اعلم أن الرئيس اوباما بحذاقته واستشرافه للواقع السياسي لأمريكا على مستوى العالم وبحكم ثقافته المهجنة وسعة اطلاعه استشعر أن سلفه الرئيس بوش ترك له تركة ثقيلة ومتباينة بين الامتعاض و الكراهية للسياسة الأمريكية في كل العالم وخصوص في العالمين العربي و الإسلامي والذي أصبح مسرحا للعمليات العسكرية فضلا عن الاسائة لدينه ووضعه موضع المتهم وهذا ولد جفوة تجاه أمريكا الطيبة بشعبها وتراثها كمجتمع أنساني له منجزات خدمت الإنسانية ولابد أن نعترف بذلك ولكن هناك حاجز نفسي بسبب هذا الكم من التوجس الذي خلفته الإدارة السابقة.. وإضافة إلى مشكلة السياسة أيضا وجد في بداية عهده تركة ثقيلة من المشكلات المالية والاقتصادية نتيجة الأزمة المالية العالمية والتي كان لبلده نصيب كبير فيها وإخفاقاتها وهو ما جَر على العالم كثير من الويلات والنكبات والأزمات والتي أثرت على الدول والمنظمات والإفراد.. كل ذلك يجعله يختصر الطريق لكي يضمن أن يعمل بطريقة مختلفة وفق منهجية( اكسب واكسب ) سواء على المستوى الشخصي (له خلال فترة حكمه ) والوطني (لأمريكا) والعالمي لجميع الدول ضمن هذه الشراكة المنتظرة بحيث تتحقق النجاحات للجميع..لأنه أدرك أن مدة الأربع سنوات من حكمة ستجعله يحتاج مزيد من الوقت لكي يرمم هذه المشكلات السياسية والاقتصادية والتي تحتاج لسنوات..ولكن ربما رأى أن يختصر الطريق عبر مصطلح الشراكة التي لم تكون في عهد من سبقه ممن اعتادوا على مصطلح أمريكا العظمى..! والله الموفق سليمان المشاري كاتب سعودي [email protected]