أنشد كل حلو وطيب منها وفيها , واخالها جمال القمر وفتنته وضوءه يضفي على الأرض التي نعيش عليها النور وحينما يشع النور يلهم قاطنيها الأمل والعمل الذي يدل على انهم يحيون سعداء وراضين بعالمهم وواقعهم. واظنها النجوم المتلألئة في كبد السماء براقة ولامعة تزينها وتضيء عتمة الليل الكاحلة السواد لها وتجعلها علامات يهتدي بها كل مسافر وراحل وعابر سبيل , واراها ذليلة منكسرة خاضعة لباريها وامرها وناهيها الواحد الاحد مسيرها وممدها وطاويها كيفما شاء ومتى شاء. اجدها مخضرة ومتورقة يانعة بفواكه متنوعة لذيذة المذاق وبازهار متعددة الأشكال والألوان لكل منها عبقها وأريجها الذي لا مثيل له في كل وردة وزهرة , وحدائق بل جنان يتخللها ينابيع وعيون وانهار ممتدة طولاً وعرضاً تعجز عن ادراكه الانصار فتنبهر له الألباب وتتحرك الشفاة له بالذكر والتسبيح للمبدع العظيم المتفرد الذي خلق من العدم واتقن كل شيء صنعه مسير السحاب ومنزل الغيث فكسيت السهول والجبال وغطت بالسندس الأخضر وتحلت وتوشحت به , اتها يوم مفعم بالبهجة والسرور وأيام سوء أسبابها الجور والقسوة واحقاد البشر , هي (الحياة) كما اتخيلها من دون مبالغة فهي نضرة حلوة , متغيرة ولا يدوم لها حال أو استقرار , اراها بحار حلت لنا مخلوقاتها نأكلها وتتزين نساؤنا بلآلئها ونتعطر من عنبر حيتانها , نعشق شواطئها ونلقي بهمومنا واحزاننا فى أعماقها وننزع ونتخلى عن أجمل ما نملكه ونلبسه ونرتدي ذي البحر ونلقي باجسادنا فيه لنغسل ما علق بنا من شوائب ثم نتوسد الرمال ونسمح لاشعة الشمس فى أوقات العصارى بتجفيف وتبخير كل ما ساءنا وعانيناه , الحياة ألقها في سيدتي تلك الإنسانة الرقيقة صاحبة القلب الحنون والقد المياس والكلام المعسول واجد فيها كل ما يستهويني وتستقر له انفاسي وتكن معها روحي , اتحسسها أحلاماً وأماني اجسدها أمام عيني واتحول بكل مداركي ورغباتي صوبها لاجعل منها الحقيقة المرجوة مثلما كنت اصبو اليها واسعى بقواي الفكرية والبدنية لتكون لي سمة تخصني وتميزني من بين اقراني , أناضل في الحياة وأتناسى جراحها واضمدها ولا اذكر آلامها حتى لا تتجدد كالتذكار جراح جديدة قد تكون عميقة وغائرة فى جسمي فيصعب عليَّ مداواتها ولا اتمكن من شفائها. أيتها الحياة كوني مثل وكيف ما تريدين فكلنا راحلون عنك وانت مهما دامت سنين العمر لك قرون وعايشتك اجيال من بنى ادم عليه السلام مضمحلة وفانية.