تَعْمَدُ بعض الأسر في محافظة العلا وتحديدا في مركز جيدة بمنطقة المدينةالمنورة إلى اقتطاع جزء يسير من حديقة المنزل لزراعة شجرة اللبان والمعروفة عند الأهالي بشجرة (اليسر) ، فيما تزرع أسر أخرى التي تمتلك مزارع أعدادا أكبر من تلك الشجرة التي يفضل أن يسميها الأهالي هناك بالمعجزة. وتستفيد الأسر من شجرة اللبان باستخراج الزيت من البذور ، ومن ثم بيعه وتحقيق أرباح اقتصادية في مقابل تكلفة زهيدة وقوة الشجرة على تحمل الأجواء القاسية. وتعكف حاليا الأوساط العلمية في المدينةالمنورة إلى إجراء مزيد من البحوث والدراسات حول هذه الشجرة المنتشرة في المنطقة وبمساحات شاسعة ، واهتموا في الوقت ذاته إلى تاريخ الشجرة وفوائدها الطبية والغذائية والاقتصادية، وآفاق زراعتها واستثمارها المستقبلية. وتتحمل شجر اللبان العيش تحت ظروف قاسية إذ لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه ، فهي تتحمل العطش بنسبة 95 في المئة. وقال رئيس جمعية البر الخيرية بمركز جيدة التابع لمحافظة العلا بمنطقة المدينةالمنورة وعضو الفريق البحثي الدكتور سعود بن إبراهيم البلوي أن الجمعية قامت بمساعدة عدد من الأهالي لزراعة الشجرة من خلال مشروع الأسر المنتجة، واستفادت منه أكثر من (60) أسرة بالقرية وذلك باستخراج الزيت من بذور الشجرة بالوسائل المتاحة ومن ثم تسويقه حسب الإمكانات المتوفرة. وأوضح الدكتور البلوي أن الشجرة يتركز وجودها في منطقتي المدينةالمنورة وتبوك وكانت لها استخدامات شعبية واسعة كغذاء ودواء وخاصة زيتها الذي يستخلص من بذورها حيث تصل نسبة الزيت في البذور إلى نحو 54 في المئة من وزن الثمرة، ويستخدم بديلاً لزيت الزيتون في الطهي، وصناعة الصابون ومواد التجميل، وعلاج بعض الأمراض الجلدية، كما أنها تمد الجسم بالطاقة والقوة. وتشير تقارير صحية إلى أن أوراق شجرة اللبان تحتوي على سبعة أضعاف ما يحتويه البرتقال من فيتامين (c) وأربع أضعاف ما يحتويه الفجل من فيتامين (A)، وثلاثة أضعاف ما يحتويه الموز من البوتاسيوم، وأربع أضعاف ما يحتويه الحليب من الكالسيوم ، وتعد من أجود مصادر الغذاء للإبل والماشية والحيوانات البرية والطيور والنحل، إلى جانب استخدام مسحوق بذورها سماداً عضوياً، وفي تنقية المياه. وتعد شجرة (اللبان) من الأشجار الجبلية الصحراوية ، ذات أفرع مستقيمة وقليلة ويصل طولها إلى 6 أمتار ، وأوراقها مركبة وصغيرة ، ولها أزهار كثة ذات لون وردي تبدأ في الظهور قبل ظهور الأوراق في الفترة مابين شهر مارس وابريل. وتعرف شجرة اللبان في عددٍ من مناطق المملكة بعدة أسماء منها (اليسر ، والحبة الغالية ، ويسار الباب، والشوع). وقد وردت شجرة اللبان بالطب القديم حيث قول داود الانطاكي في اللبان: (إنه شجر مشهور كثير الوجود له زهر ناعم الملمس مفروش يخلف قرونا داخلها حب يميل إلى البياض كالفستق، ينكسر عن حب عطري إلى صفرة ومرارة، يدخل في الغوالي والاطياب) ويشير الانطاكي إلى أن اللبان يمنع الاورام ويطيب العرق ويشد البدن ويدمل الجرح ويدر البول. وتابع عن اللبان : أن دهنه قوي الفعل في اصلاح النزلات وكل بارد كالفالج، ويقوي المعدة والكبد. ويقول ابن سينا وابن هاشم والمظفر في اللبان أن حبه أكبر من الحمص، مائل إلى البياض وأنه منق خصوصاً لبه، ويفتح مع الخل والماء السدد في الاحشاء، وينفع بالخل الجرب. ويصف المظفر اللبان بالقول : هو شجر ينمو ويطول كالاثل, وإذا أرادوا استخراج الدهن رد على الصلابة حتى ينعزل قشره ثم يطحن ويعصر , وهو كثير الدهن ويستعمل في العطور والطيوب المرتفعة، أما ثفله الذي يبقى بعد استخراج دهنه فينفع من الكلف والنمش والبرش الذي في الوجه من الجرب والحكة. وبين المظفر أن أجوده الحب الكبير العطر وهو يزيل الثآليل من الوجه وينفع الأورام الصلبة إذا جعل في المرهم، كما يزيل صلابة الكبد والطحال إذا شرب من حبة بخل أحمر. وحاليا يستخدم اللبان على نطاق واسع فبالإضافة لزيته يستعمل مثبت للعطور، كما يدخل في صناعة مواد التجميل وزيوت تصفيف الشعر ، كما يستعمل في أغراض غذائية وفي الإضاءة ، وبقية بذوره بعد عصرها فيستخدم سماد ، وأوراقه وازهاره وثماره تستخدم غذاء ودواء للإنسان، وعصيرية الأوراق قاتل للبكتيريا، وتؤكل الأوراق لعلاج الإسقربوط والتهاب القناة التنفسية المصحوب بافرازات.