(خير اللهم أجعله خير) هي مقولة (مكاوية) تتردد على ألسنة الكثيرين منا حين يخبرنا شخص ما بأنه رأى حلماً أثناء منامه ويطالبنا بتفسيره. ولكن هل يمكننا أن نردد نفس المقولة عندما يخبرنا شخص ما بأحلام اليقظة التي حلم بها خلال خلوته مع نفسه؟. تراودنا الكثير من الاحلام خلال يقظتنا ولكن ترى كم نسبة ما سيتحقق من تلك الأحلام سواء كان ذلك في المستقبل القريب أو البعيد؟ وهل كلما حلمت أكثر ستحقق أكثر؟ هل هو الكم أم الكيف الذي يؤثر علينا؟ لماذا يشغل البعض منا وقته في الحلم فتجد لديه كل يوم حلم يقظة جديد وأمنية جديدة بينما يكتفى البعض الاخر بالقليل من تلك الاحلام ويشغل ما تبقى من يومه في تحقيق تلك الأحلام بدلاً من استنزاف جهده في زيادة عددها دون أن يتبقى أي وقت لتحقيق ولو القليل منها؟ هل يعود ذلك لذكاء الثاني وقلة عقل الأول؟ هل لأن البعض كما يقول أهل مكة (حوصلته ضيقة) أي قليل الصبر والاخر لديه من الصبر كصبر أيوب؟ هل هو اختلاف في مستوى الذكاء؟ أم أنه مجرد تفاوت في العزائم والقدرات واختلاف في الشخصيات؟ هل عدم القدرة على تحقيق الاحلام وتحويلها الى واقع يعتبر فشلاً وعجزاً أم عدم القدرة على الحلم هو الفشل بعينه؟ كيف يحقق البعض أحلامهم بينما البعض الاخر تجد احلامه ذهبت مع الريح؟!! هل مقولة الامام الشافعي: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا هي مقولة صحيحة أم أن للزمان والمكان تأثيراً على إمكانية تحقيق احلامنا من عدمها؟ ما هي أسرار الأشخاص الناجحين حول العالم؟ هل هي الثقة في النفس, العزيمة, التوكل على الله سبحانه وتعالى أم الايمان بجمال تلك الأحلام والتمسك بها؟ فالبعض يحتضن أحلامه كرضيع ويغذيه بكل محبة ويهتم به فتراه مستمتعاً في حالة من النشوة وهو يرى ذلك الحلم يكبر يوماً بعد يوم والبعض الاخر يوأد حلمه مع أول عائق أو أول محطة فشل قد يتوقف عندها. تقول ليز براون (ليس عليك أن تكون عظيماً لتتحرك بل عليك أن تتحرك لتكون عظيماً). تضرب لنا سيدة من سكاكاالجوف أروع مثل في النجاح لتحقيق الأحلام وتحويلها إلى واقع مشع ، هي العالمة الدكتورة خولة الكريع كبيرة علماء أبحاث السرطان بمستشفى الملك فيصل التخصصي ورئيسة مركز الأبحاث، والتي برعت في إنجازات بحثية تخصصية وحققت عدة إنجازات طبية متميزة في مجال أبحاث الصفات الوراثية (الجينية) للخلايا السرطانية. والحاصلة على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى الذي قلدها له الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مكتبه الخاص في قصره بالرياض الاثنين 11-1-2010. والحاصلة على جائزة هارفارد الأمريكية في التفوق العلمي. التقيت الدكتورة خولة الكريع خلال ندوة القتها في المؤتمر العلمي الأول لطلاب وطالبات التعليم العالي بمدينة الرياض وبهرت بعقلية واصرار تلك المرأة الفولاذية الناجحة. لم أتوقع أن أرى شخصاً بكل تلك الأنوثة والجمال, ليس فقط جمال الخلقة بل العقل والخلق. لم أتوقع أن تكون الدكتورة الكريع خريجة إحدى الجامعات السعودية وزوجة وأم لأطفال. استمعت لحديثها العذب القريب للقلب وهي تتحدث عن طفولتها ونشأتها في مدينة الجوف وعن الصعوبات التي واجهتها في بداية طريق نجاحها وعلمت عندها أن كلمة (مستحيل) يجب أن تلغى من جميع القواميس فلا مستحيل مع الاصرار والمثابرة. دائماً ما نرى الشخص الناجح بعد أن تصدر عرش النجاح ولبس تاج المجد ونتمنى أن نكون مثله متناسين أن نرى سنوات الكفاح .أعيننا دائماً معلقة على القمة دون أن نفكر ولو لحظات ونسأل أنفسنا كيف صعدها وكم من الوقت والجهد قد استغرق ليصل الى هناك. دائماً مانعتبر ذلك الشخص سوبرمان وأنه شخص صاحب ذكاء خارق وقدرات مميزة واننا لا نملك تلك المقومات للوصول للقمة. النجاح ليس سهلاً ولكنه في متناول الجميع. ليس مستحيلاً ولكنه صعب المنال. ترى هل ستكتفي بمقولة (خير اللهم أجعله خير) متناسياً أن من عاش على الامل مات صائماً أم انك ستتذكر أن المعرفة وحدها لا تكفى لا بد ان يصاحبها التطبيق ، والاستعداد وحده لا يكفى فلابد من العمل, وانك.(لن تنجح اذا لم تبدأ ولا تجعل اى مشكلة تكون حاجة لعدم التصرف فبعد العاصفة تطلع الشمس, والإشراق يأتي دائماً بعد الظلام, والشتاء يتحول دائماً إلى صيف)., فحول أحلامك إلى صيف مشرق قبل أن يغطيها جليد الشتاء ويغلفها ظلام الليل فتستيقظ بعد فوات الأوان مردداً (خير اللهم أجعله خير).