نوه معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ بأهمية المخطوطات لحفظ تاريخ الأمم وتراثها الحضاري وأكد أن ما تقوم به دارة الملك عبدالعزيز من جهود لحفظ هذا التراث والعناية به من الأمور التي تشكر عليها. جاء ذلك في كلمة لمعاليه بمناسبة تنظيم الدارة حاليا معرضا لمقتنياتها من تراث المملكة العربية السعودية المخطوط حيث قال: لما كان الإنسان بفطرته يحرص على ما خلّفه الآباء من تراث، والأمم بطبعها تغار على ما تحدّر إليها من آثار سلفها، كانت هذه العناية البالغة بالمخطوط العربي، فكيف به وهو يعدّ اليوم من أقدم المخطوطات عمراً في التراث الحضاري للإنسان، ومن أمثَلِه قيمةً علمية، لذا فقد بُذلت جهود جليلة في سبيل البحث عنه ودرسه وفهرسته ونشره والاحتفاء به. ومن هذا الجهد الموصول، والدأب المبارك؛ ما تقوم به دارة الملك عبدالعزيز من التوافر على العناية بالتراث المخطوط، وكان من آخر ما تَوّجت به عملها هذا أن نظّمت معرضاً لهذا التراث المخطوط برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ضمن أنشطتها في خدمة المآثر الفكرية لعلماء الجزيرة العربية والمملكة العربية السعودية، لتعرض فيه المخطوطات الأصلية في شتى أنواع العلوم، من العقيدة والفقه والحديث إلى اللغة والفلك، وما إلى ذلك من الآداب المختلفة. لقد أصيبت الأمة في أيامها الخالية بسببِ من ضعف الوعي بتراثها المخطوط، ولعل ما فُقد من هذا التراث نتيجة الجهل بقيمته؛ يفوق ما ضاع منه بسبب ما حلَ به من الكوارث والحروب وغوائل الأيام. إن مثل هذا التراث لهو من السعة والانتشار والصعوبة بحيث إن الجهود الفردية ليست بذات غَناءِ في تداركه واستنقاذه والعناية به، فالمؤسسات العلمية هي التي تقوى على أن تنهض بمثل هذه الجهود الشاقة، لكن نجاح مشروعات يظل مرتهناً بمدى ما تبلغه ثقافة المجتمع في التجاوب معها، ومقدار ما تضطلع به أقلام الباحثين من تحفيز وحثّ للناس على التعاون مع هذه المؤسسات. ولا شك أن لمثل هذا المعرض دوراً كبيراً في تأصيل العناية بالمخطوط, ونشر ثقافة التعاون بين أبناء المجتمع في بذل هذا التراث لإحياء حركة البحث العلمي، ولاسيما حين يرى أبناء هذه المجتمع؛ صدقَ البادرة، وسلامة الهدف، وعنوانَ الجهد؛ يتجسد كلّه في تنظيم هذا المعرض وقيمة محتواه. إن علم المخطوطات قد تطوّر في أيامنا هذه حتى أصبح علماً مستقلاً، ورسالةُ هذا المعرض تتجاوز بقصدها المعرفي مادة المخطوط؛ تتجاوزه إلى تمثُله بوصفه وثيقة حضاريةُ يتلمّح فيه الدارس معالم من صورة المجتمع، وآفاقاً رحبة من ثقافته المكتوبة، إذ إن العناية بالمخطوط ليست عملاً أثرياً محضاً، وإنما هي ضربُ من بعث الثقة بالحضارة الُمنتجة، وحديثُ صادقً عن الوعي بالهوية الثقافية للمجتمعات. ولعل في الحفاظ على هذه الثروة الوطنية، وتيسير الاستفادة منها لطالب العلم؛ خير غاية يسعى لها كل غيور على تراث أمته، وكل محبّ لما من شأنه أن يرتقي بمجتمعه في مختلف فروع المعرفة، وشتى مجالات الحياة.