وقبل ذا وذاك فانني لن انسى اطلالته الاولى من خلال منصة فندق المنصور وسط بغداد متهدجا كأنه جاء للتو من صحراء الجزيرة العربية حيث شد الحضور بعفوية المعطي مما يذكرك بأن الابداع وسلامة الأداة هما المدهش ولا غيره دعك من النقول وتقليد المترجمات او حتى تداخل السرقات التي هيمنت على الساحة العربية مما كان يعتقده الواهمون تحديثا او ما قارب ذلك مما لسنا بصدده في هذا التذكر، وكان رحمه الله معجبا بشعري وبالطريقة التي أتناول بها النصوص اثناء دراساتي في جريدة المسائية وجريدة الجزيرة والاعجاب في الأساس قد يكون من خلال موافقة الذوق او من خلال الوعي بمنظومة التحصيل المعرفي او حتى من الاعجاب بالتوجه استشرافا او حضورا، وحيث إنني قد وعدت المتابع بايراد نصين شعريين احدهما للفقيد رحمه الله واخر لصاحب هذه السطور تبييناً لتقدمة هذا الرائد ابداعاً وتمثلا وكانت قصيدته تحت عنوان (مضى العمر) وقد صدرها بقوله : (الى الأخ معيض البخيتان.. الفطرة العربية الشاعرة بصفاء وتدفق وتلقائية). غناؤك بالشجو المعطر يقطر كأنك طرس والجراح تسطر حروفك أشواق ونجوى ولهفة فهل انت من نبض الجوانح تعصر؟! تنام على وعد وتصحو على منى ويطويك في برديه حلم معطر تهوم في الافاق روحاً مغردا سماؤك أحلام ودنياك عبقر مضى العمر ريان الهوى من يرده الى نظرة الأيام والدهر مدبر؟! حنانيك قد يحلو الغناء على الشجى وقد يبعث الحب القديم التذكر فغن بقايانا بشعر مخلد لعل امانينا على الجدب تمطر ويدفق في الأعماق نهر من الشذى وينساب في صم الجلاميد كوثر وتخفق في الجذع اليبيس صبابة ويولد املود ويورق اخضر عذرناك يا نهر الأغاريد غننا ففي شعرك المنغوم ناي ومزهر تموج به الأيام عذراء بضة وتدفق في ترجيعه البكر ابحر وتنساب موسيقاه عطرا وأنجما تمايل في عرس الليالي وتخطر ترد الينا الروح من بعد رقدة على طلل الأحلام تكبو وتعثر وتوقظ نبع الحب في كل مهجة فينساب ما بين الطوايا وينشر وما الحب الا العيش... والموت بعده فلا عاش قلب بالكراهة يقطر يفجر في الأعماق نهرا من المنى ويمسح دمع الليل فالليل مقمر مواكب من حلم ودنيا من السنا وعالم أشواق يمور ويهدر اتذكر والقلب الفتي متيم؟ أتذكر.. والصبح الوليد منور؟1 نرى الناس والدنيا بعين من الهوى فكل الذي فيها يلذ ويبهر خلعنا عليها حبنا وسماحنا كأنا لها روح وقلب وجوهر سوانا علي الدنيا يعيش لرجسه ونحن لها الطهر الذي تتدثر!! حنانيك إن القلب طاو من الشجى وكل الذي يلقاه بالهم يزخر فلا بسمة الأحباب فيها طهارة ولا ضحكة الخلان بالحب تعمر يعانقك الخل الحبيب مرائيا وفي قلبه الحقد اللئيم يزمجر يمد لك اليمنى بحب ولهفة وينظر في يسراه نحوك خنجر الا ضاقت الدنيا بعيني فكلما أحلق في الآفاق تطوى وتصغر ارى الناس كذابين والصدق ذاهل يحملق في هذا الكذاب وينظر تماثيل من شمع وغابات شهوة وسبخة أطماع تضج وتزأر. (يتبع)