بداية، يقول مدخن سابق ( أنا مدخن لمدة 23 عاما .. نحو ثلاث علب يوميا .. ثم في يوم من الأيام استيقظت من النوم صباحاً وببساطة لم أتمكن من التنفس .. شعرت كما لو فيلاً جاثماً على صدري .. كان ذلك دعوة لليقظة والإقلاع عن التدخين في ذلك اليوم .. وهذا كان قبل ثمان سنوات ، ولكن ما زلت أتذكر أن الإقلاع عن التدخين ليس بالأمر السهل .. لقد حاولت قبل ذلك الإقلاع عدة مرات ولم انجح بالرغم من علمي أن آخي يعاني من سرطان الرئة بسبب التدخين .. لقد أقلعت بعد ثلاث سنوات من تشخيص أخي .. وهذا كله وأكثر يعطي صورة واضحة كيف أن إدمان النكوتين يمكن أن يؤدي .. لقد توفي اثنين من أصدقائي وهم في الأربعينات والخمسينات بسبب آفة التدخين) ويضيف انه ومن تجربته فان هناك طريقة واحدة فقط لتفادي عواقب التدخين وهي عدم التورط والبدء في التدخين أبداً. لقد تعالت صيحات الأطباء بالتحذير من التدخين لأنه من الأسباب الرئيسية لانتشار أمراض القلب والسرطان ونعلم أن سرطان الرئة هو واحد من أكثر الآثار الجانبية المدمرة للتدخين حيث يسبب تسعا من كل عشر حالات سرطان الرئة، بالإضافة إلى أنواع أخرى من السرطانات مثل سرطان الفم وسرطان الحنجرة والمثانة والبنكرياس وغيرها من الأمراض التي تفتك بالإنسان وكما يقول الأطباء يمكنك تناول الخضار والفواكه يوميا وممارسة الرياضة بانتظام ولكن هذا السلوك الصحي الجيد لا يعطي نتيجة ولا يعني الكثير إذا كنت تزاول التدخين .. وتؤكد عيادات مكافحة التدخين إن دماغ المدخن المدمن يعامل النكوتين كما لو أنه أمر ضروري للبقاء على قيد الحياة. وكما أوضحت قصة السيدة مركرسن فان التدخين يؤدي إلى إدمان هائل ومهلك وعلى جزأين: الإدمان النفسي حيث يصبح التدخين جزءاً من الروتين اليومي، والإدمان الجسدي وهو الإدمان على النكوتين في السجائر .. وتفيد الإحصائيات العالمية أن النساء يشكلن حوالي 20 بالمائة من بين 1 مليار مدخن في العالم .. كما أن الشباب والشابات هم الفئة المستهدفة من قبل شركات صناعة التبغ التي تبذل أقصى الجهود لخداعهم وإغرائهم بتعاطي التبغ سواء عن طريق تدخين السجائر أو استعمال الشيشة أو غيرها .. وتقديرات منظمة الصحة العالمية تذهب إلى أن ضحايا التدخين في قرننا الحالي يصل عددهم إلى مليار إنسان ، مليار مدخن وغير مدخن سيموتون بسبب التدخين ، وأن ما يقارب 180 مليون إنسان سيموتون في العقود الثلاثة الأولى من القرن الحالي . ويتسبب التدخين في إصابة أكثر من مليون ونصف مليون إنسان بسرطان الرئة سنويا .. وتشير الإحصاءات إلى أن 85 في المائة من حالات الوفاة للمدخنين هي بسبب سرطان الرئة ، فسرطان الرئة هو النهاية شبه المؤكدة للمدخن ولو بعد حين. ( كلمة الاقتصادية العدد 6087) .. هذه رسائل مختلفة مفادها أن التدخين داء مميت .. لذا فان كل من يزاول التدخين مديون لنفسه بمعرفة آثار التدخين الخطيرة على حياته وحياة أسرته وأطفاله . وتعمل المملكة على مكافحة التدخين ومحاربته سواء من خلال القرارات الرسمية أو الجمعيات الخيرية أبرزها صدور الأمر السامي بمنع التدخين في مكاتب الوزارات والمصالح الحكومية والمؤسسات العامة وفروعها . كما تم تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ بموجب قرار مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ( حفظه الله ) في غرة شهر صفر من عام 1428ه الموافق 19 فبراير 2007م وتعد مكافحة التدخين من أولويات السياسة الوطنية في مجال الوقاية من الأمراض حيث استشعرت المملكة مخاطر هذا الداء من خلال أيضا تشجيعها على قيام العديد من جمعيات مكافحة التدخين بالإضافة إلى التوقيع على الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ ، التي تعد أول معاهدة دولية تهدف لحماية الصحة العامة من أخطار التدخين واستخدامات التبغ المختلفة ويتمثل الغرض المنشود منها ومن بروتوكولاتها في حماية الأجيال الحالية والمقبلة من العواقب الصحية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية المدمرة الناجمة عن تعاطي التبغ والتعرض لدخانه , ولقد كان أحد أبرز توصيات منتدى الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين (نقاء) الدولي وإعلان الرياض التي تمخضت عن المنتدى ركزت على ضرورة إصدار نظام لمكافحة التدخين. ويبقى القول ، واليوم ونحن أكثر وعيا حول مضار التدخين وكيفية الحفاظ على صحتنا .. إلا أن لدينا يمكن للناس إلى حد كبير شراء السجائر من أي مكان والتدخين في أى مكان .. لذا أريد أن أقول في الموضوع كلمة مختصرة ، أعلم – علم اليقين – أن فكرتها لم تغب عن أفكاركم ولكن يهمني أن اذكر بعدة أمور بإمكانها معالجة ظاهرة التدخين .. إنني أرى أهمية التذكير بالآتي: - إصدار نظام مكافحة التدخين بأي شكل حتى يكون ذلك بمثابة الانطلاقة ثم تأتي في ما بعد التعديلات لاحقاً. - زيادة الرسوم على التبغ ومشتقاته وتخصيص نسبة معينة منها لتمويل خدمات صحية معينه للأبحاث في مجال التدخين وبالخصوص بين الشباب والشابات .. ولعل رفع الأسعار يقلل من القدرة الشرائية لدى شريحة كبيرة من المدخنين وخصوصاً المراهقين. - حظر الأشكال الدعائية والترويجية كافة التي تشجع على التدخين ومواصلة الجهود الرامية إلى مكافحة التدخين لاسيما من خلال دعم العمل التثقيفي والتوعية المركزة والمستديمة من أجل تجذير سلوك رافض التدخين ويواكب ذلك حملات إعلامية توعوية بخطر التدخين البيئي أو السلبي. - إطلاق موقع إلكتروني لمساعدة من ابتلى بالتدخين. - تنظيم المشاريع والمبادرات الخيرية مثل مشروع (محافظة الدرعية بلا تدخين) والذي يأتي بعد اختيار الدرعية من بين مناطق ومحافظات المملكة كمدينة صحية. - أهمية المنتديات العلمية في معالجة ظاهرة التدخين والحد من انتشارها. - الزام المطاعم والمقاهي المغلقة بتأمين ركن لغير المدخنين وتجهيزه لهم فقط. - التوقف تماما عن مجاملة المدخنين وبالخصوص في المرافق الخالية من التدخين والتي ما تزال تعانى من اختراقات. - التحدث مع الطبيب في عيادات مكافحة التدخين حول العلاج ببدائل النيكوتين وأدوية الإقلاع عن التدخين .. ويعد الانضمام لبرامج مكافحة التدخين فرصة أفضل من الجهد الذاتي. وكما يتضح فأن الأطراف المعنية بمعالجة ظاهرة آفة التدخين متعددة ، من الصحة والتربية والتعليم والثقافة والإعلام ، وأيضاً مؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة ، ونفترض أن تكون هناك صيغة تنظيمية لإطار العمل تضمن التنسيق والتكامل ، وسنرى كم سننجح في الحد من تناول هذه السلعة القاتلة . نسأل الله للجميع الصحة والعافية.