اختفت المظاهر المسلحة في شوارع بيروت مع سريان قرار الجيش بقمعها بالقوة اعتبارا من أمس وسط هدوء حذر في أرجاء البلاد لم تخرقه إلا اشتباكات محدودة في طرابلس. وانتشر مئات الجنود المدعومين بالدبابات في شوارع العاصمة اللبنانية تنفيذا لقرار أصدره الجيش أمس وينص على منع أي مظهر مسلح بالقوة. جاء ذلك بعد ستة أيام من اضطرابات شهدتها البلاد إثر قرار للحكومة باعتبار شبكة هاتف سلكي خاصة بحزب الله خارجة عن القانون وعزل مدير أمن المطار، وهو ما واجهه الحزب وحلفاؤه بالقوة حيث فرضوا سيطرتهم على مناطق نفوذ أحزاب الموالاة ثم سلموا مراكزها للجيش. وأدت المواجهات بين مسلحي المعارضة ونظرائهم في أحزاب فريق 14 آذار الحاكم إلى مقتل ما بين 62 و81 شخصا على الأقل وإصابة نحو 250 بينهم 15 من مقاتلي حزب الله و12 من أنصار الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، حسبما أفادت مصادر طبية لبنانية. وأشار الشهود إلى أن شوارع رئيسية في العاصمة بينها طريق المطار بقيت مقفلة بالسواتر الترابية واستمر إغلاق المدارس، في حين فتحت المصارف والشركات والمحال التجارية أبوابها. وامتلأت الأسواق بالمشترين الذين يسعون للحصول على احتياجاتهم من الغذاء والسلع الأخرى خوفا من احتمال تدهور الوضع. وفي الجبل الذي شهد اشتباكات عنيفة في اليومين الماضيين بين أنصار السلطة ومسلحي المعارضة، استكمل الجيش اللبناني انتشاره، حسبما أفاد المصدر في بيروت. وشهدت قرى الجبل ومدنه تسوية تقضي بتسليم أسلحة مقاتلي الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط أسلحتهم إلى خصمه في الطائفة الأمير طلال أرسلان كي يسلمها للجيش اللبناني بدوره. وأشار أرسلان إلى أن مسلحي التقدمي سلموا معظم مكاتبهم وأماكن سلطتهم في منطقة عاليه، لكنه قال إن عليهم تسليم أسلحتهم الثقيلة ومخازن الأسلحة. من جانبه قال النائب عن الحزب التقدمي الاشتراكي أكرم شهيب إن الوضع الأمني في الجبل مستقر منذ بدء تحرك الجيش، وهو ما شكك فيه عنصر آخر من أنصار جنبلاط. وفي طرابلس عاد الهدوء إلى المدينة بعد اشتباك وقع فجرا بين أنصار الحزب العربي الديمقراطي المدعومين من المعارضة والذين يتركزون في جبل محسن، وبين أنصار الموالاة في باب التبانة. وقال مصدر أمني لبناني إن الاشتباكات بين منطقتي باب التبانة ومنطقة القبة (حيث غالبية السكان من السنة) ومنطقة بعل محسن (ذات الغالبية العلوية) والتي بدأت بعيد الساعة الثالثة فجرا واستخدمت فيها البنادق والقذائف الصاروخية استمرت نحو نصف ساعة من دون أن تسفر عن إصابات. في هذه الأثناء أدانت الحكومة السورية بشدة الاعتداءات التي تعرض لها عدد من المواطنين السوريين العاملين في لبنان، مطالبة السلطات اللبنانية بحمايتهم ومعاقبة المسؤولين عن الاعتداءات. جاء ذك بعد أن نشرت صحيفة “تشرين” خبرا يفيد بأن ثلاثة سوريين يعملون سائقي سيارات أجرة نقلوا إلى مستشفى طرطوس شمالي البلاد بعد إصابتهم برصاص “مليشيات السلطة في لبنان”. وقالت إنهم تعرضوا لإطلاق النار عند نقطة العريضة الحدودية، مضيفة أن ثلاثة عمال آخرين تعرضوا للضرب والطعن بالسكاكين على يد عناصر من تيار المستقبل. في السياق قال مدير قسم الأخبار في “إخبارية المستقبل” حسين الوجيه إن القناة المذكورة وإذاعة الشرق ستستأنفان بثهما اليوم من خارج مقارهما في بيروت تحت شعار “كلمتنا أقوى”. وكانت هذه الوسائل إضافة إلى صحيفة المستقبل قد توقفت الجمعة بسبب قيام مسلحين من المعارضة بتهديدها أو تخريبها.