| أشعر بين الحين والآخر بطعم الأكل والاسترجاع في حلقي ولكني أعيد بلعه مرة أخرى. فهل هذا من القيء الذي ينقض الوضوء؟ جزاكم الله خيراً. || القيء إذا خرج من الإنسان، فإن العلماء اختلفوا فيه – على قولين: القول الأول: أنه إن كان كثيراً نقض الوضوء. وهذا هو مذهب أبي حنيفة والإمام أحمد وقول كثير من الفقهاء من التابعين وجملة من الصحابة رضي الله عنهم، واستدلوا بأدلة منها: حديث أبي الدرداء رضي الله عنه سنن الترمذي الطهارة (87)، سنن أبو داود الصوم (2381)، مسند أحمد بن حنبل (6/449)، سنن الدارمي الصوم (1728). أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر فتوضأ، قال الراوي: فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت له ذلك، فقال ثوبان: صدق، أنا صببت له وضوءه رواه أحمد والترمذي وقال هو أصح شيء في هذا الباب. والقول الثاني: أنها لا تنقض الوضوء، وهو قول المالكية والشافعية، وجمع من الصحابة والتابعين دليلهم حديث أنس رضي الله عنه قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ولم يتوضأ. ولم يزد على غسل محاجمه، رواه الدارقطني. ووجهه أن الدم والقيء ونحوهما من النجاسات الخارجة من غير السبيلين لها نفس الحكم وهنا لم يتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم من الدم الخارج بالحجامة. قالوا: وعدم الوضوء من ذلك مروي عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم وقالوا: أيضاً إن الأصل عدم النقض إلا بما ثبت به الدليل، ولا دليل مع من رأوا نقض الوضوء بالقيء ونحوه. وأجابوا عن حديث ثوبان بأنه مضطرب قاله البيهقي وغيره ونقل ذلك عنه النووي. وأجابوا عن حديث عائشة رضي الله عنها، بأنه ضعيف من وجهين: الأول: أنه من رواية إسماعيل بن عياش عن ابن جريج وهو حجازي ورواية ابن عياش عن أهل الحجاز ضعيفة. أما ما نقل عن الصحابة، فإنه قد نقل عن غيرهم خلافه. وأما القياس فلا يقبل لأن العلة في المقيس عليه تعبدية، غير معقولة. وأصحاب القول الأول أجابوا عن حديث أنس بالضعف وبكل حال فإنه ينبغي للمسلم أن يحتاط لنفسه وعبادته، والوضوء أمره يسير لا يكلفه كثيراً، فالذي ينبغي له الحزم، خصوصاً إذا علمنا أن الإمام أحمد وهو من أئمة الحديث قد سُئل عن حديث ثوبان هل ثبت عندك؟ فقال: نعم. أما ما ذكر السائل في سؤاله فإنه يظهر أن القيء الذي يخرج منه قليل وعلى هذا فلا ينقض وضوءه. وحد الكثير هو ما فحش في النفس، وقال بعضهم: ينبغي أن يقال: ما فحش في نفس أوساط الناس لا الموسوسين ولا المبتذلين وهذا الحد جيد. والله أعلم.