أكد امام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد ان خادم الحرمين الشريفين كان حازماً صارماً في منع التجاوز على المؤسسات الشرعية والوقوع فيها وفي حملتها ومسؤوليتها. وقال في خطبة الجمعة أمس : حمى حدود الفتوى وحفظ الشرع المطهر تعظيما لدين الله من الافتئات عليه ممن يقتحموا المركب الصعب ولم يتسلح بالعلم ويحمل آلته المؤهلة ممن ينتسبوا إلى علم أو فكر أو ثقافة أو إعلام حيث لا يجوز أن تكون دائرة الخلاف المسموح بها شرعا سبيلا للتقول على الله أو تجاوز أهل الذكر أو التطاول على أهل العلم ففرق بين سعة الشريعة ورحمتها وفوضى القيل والقال والخلاف شر وفتنة وكل من خرج عن الجادة التي استقر عليها أمر الأمة لابد من لجمه وإيقافه عند حده. وتابع في كتاب الله مواعظ لمن اتعظ ومواعظ وذكرى توقظ القلب المستنير ويقظة القلوب تحيا بموت الهوى وغفلة النفوس تنقشع بحلول الخشية والكسل تطرده سهام الحذر فلا سكون لخائف ولا قرار لعارف والمقصر إذا ذكر تقصيره ندم والحذر إذا فكر في مصيره حزم. وأضاف “ وأنتم في مستقبل هذا الشهر الكريم ترجون فضل ربكم وتتعرضون لنفحات مولاكم تأملون في خيره وبره وتحاذرون تقصيركم وتخشون ذنوبكم تقبل الله منا ومنكم ورزقنا فيه القيام والصيام. وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن الله خلق الخلق ليعبدوه ويحبوه ويعظموه نصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه ويخافوه ليخافوا ربهم خوف إجلال وتقدير ومحبة وتعظيم ، دعا عباده إلى خشيته وتقواه والمسارعة إلى امتثال ما يحبه ويرضاه والمباعدة عما ينهى عنه ويكرهه ويأباه. وأوضح أن القلوب لا تحيا إلا بالخوف من الله فهو الذي إلى الخير يسوقها ومن الشر يحذرها والى العلم والعمل يدفعها ، بالخوف تكف الجوارح عن المعاصي وتستقيم على الطاعات ويسلم المرء من الأهواء والشهوات ، بالخوف يحصل للقلب خشوع وذلة واستكانة وانقياد وتواضع لله رب العالمين ينشغل بالمراقبة والمحاسبة والخوف يثير دوام ذكر الله وصلاح العمل والمسابقة بين الخيرات والزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة ويمنع الكبر والعجب والخيلاء وينتفع القلب بالنذر والمواعظ والزواجر. وأبان فضيلته أن الخوف المقصود هو اضطراب القلب وقلقه وانزعاجه لما يتوقعه ويخشاه من عقوبة الله على فعل محرم أو ترك واجب أو التقصير في جنب الله والإشفاق من عدم القبول ، والخوف المحمود ما قاد إلى العمل الصالح وحجز عن المحرمات ظاهرا وباطنا وحمل على أداء الفرائض والمسارعة إلى الخيرات فإن زادت شدته بأن أورثت مرضا أو هما لازما بحيث ينقطع عن العمل أو يدخل في دائرة اليأس والقنوط فهو خوف مذموم غير محمود. وأكد أنه خاف حق الخوف من لم يأكل حراما ولم يكسب حراما ولم يشهد زورا ولم يحلف كذبا ولم يخلف وعدا ولم يخن عهدا ولم يغش في معاملة ولم يخن في شركة ولم يمش في نميمة ولم يترك النصيحة ولم يهجر مساجد الله ولم يتخلف عن صلاة الجماعة ولم يضيع زمانه في اللهو والغفلة خاف حق الخوف من أقام الصلاة وآتى الزكاة وصام فرضه وأطاع ربه ووصل رحمه وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وأعطى كل ذي حق حقه. وقال الدكتور صالح بن حميد “ إن من كان بالله أعرف كان منه أخوف وملائكة الرحمن هم أعرف بربهم يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ، ورسل الله وأنبياؤه هم سادات الخائفين ثم يأتي أهل العلم الربانيون فهم أهل الخشية وكل ما كان العالم مستشعراً مسؤولياته مستذكرا وقوفه بين يدي مولاه وعلم عظم المسؤولية وكبر الأمانة وسعى في براءة الذمة كان خوفه من الله وخشيته من مولاه على قدر ما يستشعر ويستحضر”. وأضاف “ وإن مما يجسد ذلك ويبينه ؛ ذلك التوجيه الراشد والكلمة الصادقة التي خاطب فيها ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين وحامي حماهما وحامي الشرع المطهر خاطب فيها حفظه الله العلماء والمسؤولين في الدولة من منطلق مسؤوليته الشرعية وإمامته الدينية فقد حفظ لأهل العلم منزلتهم وللمؤسسات الشرعية مقامها حما حقها وصان حدودها ووقف بحزم في منع تجاوزها أو النيل من هيبتها فمما قال حفظه الله “ فشان يتعلق بديننا ووطننا وأمننا وسمعة علمائنا ومؤسساتنا الشرعية التي هي موطن اعتزازنا واغتباطنا لن نتهاون فيه أو نتقاعس عنه دينا ندين الله به ومسؤولية نضطلع بها إن شاء الله على الوجه الذي يرضيه فمن واجبنا الشرعي الوقوف إزائها بحزم وقوة حفظا للدين وهو أعز ما نملك ورعاية لوحدة الكلمة والأمة وحسما لمادة الشر فديننا هو عصمة أمرنا فلا أضر على البلاد والعباد من التجرؤ على الكتاب والسنة والتصدر للفتوى من غير ذي أهلية والدين ليس محل للتباهي ومطامع الدنيا” إن خادم الحرمين : حمى حدود الفتوى وحفظ الشرع المطهر تعظيما لدين الله من الافتئات عليه ممن يقتحمون المركب الصعب ولم يتسلح بالعلم ويحمل آلته المؤهلة ممن ينتسبون إلى علم أو فكر أو ثقافة أو إعلام حيث لا يجوز أن تكون دائرة الخلاف المسموح بها شرعا سبيلا للتقول على الله أو تجاوز أهل الذكر أو التطاول على أهل العلم ففرق بين سعة الشريعة ورحمتها وفوضى القيل والقال والخلاف شر وفتنة وكل من خرج عن الجادة التي استقر عليها أمر الأمة مما سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من الصحابة رضوان الله عليهم ثم من تبعهم بإحسان من علماء الأمة فمن خرج عن الجادة لابد من لجمه وإيقافه عند حده فالنفوس ضعيفة والشبه خطافة وأضواء الإعلام محرقة والمغرض مترقب متربص مؤكدا أحسن الله إليه ورفع مقامه أن المؤسسات الشرعية قامت بواجبها على الوجه الأكمل ومن أراد أن يقلل من دورها متعديا على صلاحيتها ومتجاوزا أنظمة الدولة ناصبا نفسه لمناقشتها فيجب الوقوف أمامه بحزم ورده لجادة الصواب والتزامه باحترام الدور الكبير الذي تقوم به هذه المؤسسات الشرعية وعدم الإساءة إليها والتشكيك في إطلاعها بمسؤولياتها لإضعاف هيبتها والنيل من سمعتها والمقصود من كل ذلك حفظ حمى الدين سيرا على ما تقتضيه السياسة الشرعية في اجتماع الكلمة وتوحيد الصف ونبذ الفرقة والاجتماع على أمر الدين ودرء الفتنة ، أما الفتاوى الخاصة في أمور العبادات والمعاملات وشؤون الأسرة والأحوال الشخصية بين السائل والمسئول والمستفتي والمفتي فهذا أمره واسع ، ألا فليهنأ أهل العلم بهذا التسديد ولتقم المؤسسات الشرعية بمسؤولياتها وليخشوا ربهم ولا يخشوا أحد إلا الله وكفى بربك هاديا ونصيرا. وفي المدينةالمنورة أوضح إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم أن الله - سبحانه وتعالى - فضل الليالي والأيام بعضها على بعض واصطفى من الشهور شهرا جعله غرة شهور العام أنزل فيه القرآن وفتح فيه أبواب الجنان وأغلق فيه أبواب النيران وصفد فيه الشياطين من صامه نهاراً إيمانا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليله إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وفيه ليلة خير من ألف شهر جعله سبحانه موسماً للعفو والغفران شهر الفضل والرحمة يستقبل بالفرح والاستبشار شرعه الله لتحقيق التقوى ، قال - جل وعلا - “ يا أيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” وشدد فضيلته في خطبة الجمعة امس على أن الإخلاص ركن في قبول العمل فإن دخله رياء فسد وإن خالطه دعاء أموات أو استغاثة بهم حبط والله سبحانه عزيز لا يقبل من أحد عملا كانت النية فيه لغيره ، قال عز وجل في الحديث القدسي ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من أشرك معي غيري تركته وشركه). وأوضح أن العمل الصالح المصحوب بالتقوى يزيد ويبقى والعمل وإن كان صالحاً لكن فسدت فيه النية يضمحل ، قال سبحانه” وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا” ، وأن الصلاة عمود الإسلام وركنه الثاني من تركها لم تقبل منه بقية الأعمال من صيام أو حج أو إحسان ، قال عليه الصلاة والسلام ( بين الرجل والشرك والكفر ترك الصلاة ) مبينا أن من أصلح نيته مع الله وأدى الصلاة كما أمر ووافق شهر الصيام وقام به حق القيام فقد ظفر. وقال الشيخ القاسم إن الزكاة قرينة الصلاة في كثير من آيات القرآن وأصل من أصول الدين تطهر النفس من البخل والشح وتنمي المال وتحفظه وتنقل المرء إلى مصاف الأخيار الكرماء ، قال جل شأنه “ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها”. وأشار إلى أن أداء الزكاة أمارة الفلاح وبرهان على اليقين وهي حق من حقوق الفقراء يعطيها الغني لهم بلا مَنّ ولا إذلال يكمل بها المرء دينه ويحفظ بها ماله ومن الزكاة تقضى الديون وتدفع بها حاجة الفقير والمسكين ويعان بها المسافر والمنقطع وتتألف القلوب وهي مدخرة عند الله سبحانه وتعالى قرض مضاعف للغني. وذكر إمام وخطيب المسجد النبوي أن رمضان موسم البذل والعطاء والبر والإحسان وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان وإذا أراد الله تعالى بعبده خيراً جعل قضاء حوائج العباد على يديه ، قال عليه الصلاة والسلام( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخره ). وأكد أن ما سعى ابن آدم في إصلاح شيء أعظم من سعيه إلى إصلاح قلبه ولن يصلح القلب شيء مثل القرآن فهو النور والهداية والشفاء تلاوته من أجل الطاعات وأفضل القربات من قرأ حرفا منه فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها والماهر به مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأه ويتتعتع به وهو عليه شاق له أجران ، مشددا فضيلته على أن رمضان شهر القرآن وكان جبريل عليه الصلاة والسلام يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في هذا الشهر ، والقرآن أنزل ليلا وتلاوته ليلا أشد لمواطنة القلب مع اللسان. ودعا المسلمين إلى أن يجعلوا لبيوتهم حظاً من قراءته في ليلهم ونهارهم ، موضحا أن أفضل الصلاة غير المفروضة هي صلاة الليل ومن قامها مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ومن قامها في ليالي رمضان غفر له ما تقدم من ذنبه وما سجد عبد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة ومن كان من أهل الصلاة دعي يوم القيامة من باب الصلاة وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. ونصح المسلمين إلى الإقبال على صلاتهم فرحين بها مستبشرين بما وعدهم الله بأدائها والعبد لاغنى له عن ربه طرفة عين والسعيد من قرب إلى الله بإنزال حوائجه إليه بطلب مرغوب أو زوال مرهوب مع تحري أزمان وأوقات الإجابة كالسجود ووقت السحر ونهار رمضان وهو سبحانه قريب من سائله ووعد بإعطاء السائل حاجته والإكثار من دعاء الله من كمال العبودية له ورفعة العبد على قدر انكساره بين يدي الله. وأوضح الشيخ القاسم أن الاعتكاف من سنن النبي صلى الله عليه وسلم لتطهير القلب من الأدران والخطايا ولمحاسبة النفس من التقصير والتفريط ولتقبل النفس على الله لترتقي عنده درجات ، داعيا إلى الاعتكاف في شهر رمضان ، لأن شهر رمضان مغنم للتوبة والإنابة يقيل الله فيه العثرات ويمحو فيه الخطايا والسيئات.