استحوذت قضية التغير المناخي على اهتمامات جامعة الملك عبدالعزيز في السنوات الأخيرة، معتبرة أن الابتكار في الطاقة سيسهم في مكافحته وتفادي أخطاره، مما دفعها إلى دعم وتشجيع البحوث والدراسات التي تساعد على إحداث تغيير إيجابي في إنتاج واستهلاك الطاقة، وأسهم ذلك في مساعدة بعض الأكاديميين والطلاب إلى التوصل إلى ابتكارات تسهم في تخفيض استهلاك الطاقة، وإيجاد بدائل نظيفة ومتجددة لإنتاجها. وتوصل الدكتور أحمد بن عبدالله الغامدي، أستاذ الفيزياء بكلية العلوم في جامعة الملك عبدالعزيز، ووكيل عمادة البحث العلمي لمراكز التميز البحثية، إلى ابتكار مركب ذكي يتكون من خليط من أكسيد الفانديوم الثلاثي في مقياس النانو ومادة بليمرية بتركيزات مختلفة، يمكن الاستفادة منه في صنع سخان كهربائي يعطي درجة حرارة تصل إلى 150 درجة مئوية في مدة لا تزيد على عشر ثوان، حيث إن هذه المادة تسخن ذاتيا عند جهد جولي معين. وتتميز القدرة اللازمة لعمل هذا السخان الكهربي بانخفاضها مما يجعله يوفر الطاقة المستهلكة قياسا بالسخانات المعدنية الكائنة، والتي تستهلك قدرة عالية للوصول إلى درجة حرارة قد لا تزيد عن 100 درجة مئوية. ويمكن الاستفادة من هذا المركب أيضا في التطبيقات الطبية، وذلك في التسخين الداخلي في أجسام المرضى إضافة إلى استخدامه في الحماية من إشعاعات الميكرويف ذات ترددات العالية كحالة NMR. كما يمكن استخدامه في عمل أجهزة لضبط الجهود الكهربية وكذلك التيارات الكهربية المارة في الدوائر الكهربية والالكترونية، حيث إن المركب يفصل عند جهد معين، ومن ثم تحمي الأجهزة الالكترونية من التلف والاحتراق. ويعد المركب مادة واقية من الموجات الكهرومغناطيسية الصادرة عن الأجهزة التي تستخدم ترددات الميكروويف أي من 1 جيجا هرتز إلي 70 جيجا هرتز، كأجهزة الاتصالات والأجهزة الطبية، وذلك من خلال طلائها أو تغليفها بالمركب، للحماية من الموجات عند ترددات عالية في المدى من 1 إلى 13 جيجا هرتز، وذلك نظرا لقدرته العالية على امتصاص مقدار عالي من الموجات الكهرومغناطيسية مما يجعله متعدد التطبيقات. ويمكن استخدامه كذلك في مقياس والتحكم في درجة الحرارة أو ما يسمي (temperature sensing and controller)، وكذلك في صنع طبقة رقيقة في التليفون المحمول للتخلص والحماية من أضرار الموجات الكهرومغناطيسية علي الأنسجة البيولوجية. فيما توصل الدكتور عبدالرحمن بن حامد المسعود من كلية الهندسة إلى ابتكار قواطع كهربائية مصنوعة من الزنك والنحاس، تستخدم لتوهين شدة الموجات العابرة العالية الفلتية (Transient Overvoltage) والناشئة أثناء قفل القواطع الكهربائية لأحد أجزاء أنظمة الضغط العالي (High Voltage)، وذلك لأن الموجات الكهربائية العابرة العالية الفلتية بحاجة إلى مواد عازلة (Insulations) تتناسب مع شدتها تناسبا طرديا، فكلما قلت شدة الموجات العابرة يمكن تقليل المواد العازلة المستخدمة وبالتالي تقل تكلفة القواطع الكهربائية ويصغر حجمها، وقد حصل على براءة اختراع لابتكاره من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. وتقلل هذه القواطع من شدة الشرارة (Arc) الناتجة أثناء عملية فتح القاطع الكهربائي, كما يمكن أن تحل محل نظام دائرة القطع الكهربائية الحالية التي تتكون من قاطعين كهربائيين ومقاومة عالية القيمة، مما يسهم في تقليل تكلفة شراء وتركيب نظام دائرة القطع الكهربائية. وفي ذات السياق تمكن عدد من طلاب كلية الهندسة، وهم علاء على محمد عواد، محمد عبدالرحمن الحربى، فيصل حسن الجهنى، مروان عيد الغيسانى، أحمد جهاد الحموى ، وبإشراف الدكتور مصطفى عباس حامد أستاذ بقسم هندسة الإنتاج، تمكنوا من تصميم وتصنيع توربينة هوائية أفقية المحور للاستخدامات المنزلية. وقد اشتمل الابتكار على تحديد المواصفات والحسابات والتصميم لكل من ريش التوربينة وصندوق التروس, وإدماج ذلك مع مولد كهربائي مناسب, ومن ثم بناء نموذج نمطي للتوربينة الهوائية ثم تشغيلها واختبارها. ويهدف هذا الابتكار إلى استغلال طاقة الرياح التي تعد واحدة من أفضل الطاقات النظيفة المتجددة التي عرفها الإنسان، وذلك من خلال تحويلها إلى طاقة كهربائية يسهل نقلها وتوزيعها والتحكم فيها.