إن صلة الأدب الشعبي بالإنسان هي صلة عضوية وراسخة في الذهنية لانها تعبر بحق عن المكونات الجذرية لذاكرة الإنسان صانع التراث الشعبي والمتأقلم معه ولذلك تصبح الصلة حتمية لأن التراث الشعبي هو نتاج جماعي يخلق تفاعلاً على الأمة مع صنع التاريخ الإنساني الذي له مدلول الأصالة مما يضيف إليه قيماً متوارثة عبر العصور والازمان ويشكل من خلال التعاطي معه بالايجاب الأرضية الصلبة التي تشكل صلابة وقوة الأمة التي يشكل التراث الشعبي مادته منها ويوضح معالم العراقة وقوة الأمة في الحضارة ويظل التراث الشعبي هو مستودع الخبرة المستفادة من الماضي وما فيه من تراكم معرفي ويدخل ضمن الموروث الشعبي الاسطورة وهي أول بواكير هذا الموروث وقد تحدث عن الأسطورة (ليفي شتراوس) باعتبارها إرثاً حضاري وبداية للمعرفة البشرية في عصورها الأولى وهي سير حيث يوجد في كل سيرة بطل وهو بطل حقيقي معروف أو بطل أسطوري والبطل الاسطوري له إنما يجسد أمال واحلام شعوب تنشد الحياة واستعادة الامجاد والشواهد على ذلك كثيرة مثل أسطورة (اخيل رستم) و(شمشون) و(أزريس) وغيرهم عند الأمم الأخرى ولدينا أساطير تمثل تاريخ وحقيقة مثل ما ورد في ألف ليلة وليلة وعنترة بن شداد وسيف بن ذي يزن والظاهر بيبرس وذات الهمة وغيرهم حيث نجد في تاريخنا العربي المدون مثل المغازي والسيرة النبوية شواهد حية من سير البطولة وإظهارها بشكل واضح وبذلك تعمل السير التي تتحدث عن البطل على ايقاظ الشعور بالعزة والكرامة وتقوية المشاعر الوجدانية والقومية على صعيد الأمة كذلك تنحو الاسطورة إلى التحدث عن الخوارق المجهولة أي عن احداث خارج نطاق التدوين والمصداقية انما تصبح هذه الاساطير ضمن الثقافة الشعبية الصرفة مثل حكايات السعالي التي تظهر وتختفي حسب الظروف وحديث صاحب الحكاية لتوظيف أشياء يريدها. وكذلك أسطورة الجن والتداخل مع الأنس بشكل وصفي وفيها ايضاح الاختلاف بين الجن والانس عن طريق الاعتماد على الوصف واظهار الخوارق المباشرة وغير المباشرة وعادة تستخدم هذه الاساطير عن طريق الحكواتي كبير السن مثل الجد والجدات من أجل تزويد الأطفال بمعلومات مجهولة لهم قبل النوم كذلك نجد بعض طرق التنجيم تدخل في مضمون الاساطير المجهولة عن الامطار والسطح والمناخ ولايزال الإنسان محباً ومشغوفاً بالفنون الشعبية والفلكور أو الموروث أو الأدب الشعبي أو الملحون أو الحميني كما يسمى هذا التراث الشعبي وفيه المزيد من المعارف الإنسانية حية علينا الاهتمام بها وعمل الجهود الممكنة لحماية تراثنا في هذا العصر وقد بدأ العمل المثمر نحو الاهتمام بهذا التراث اعتباراً من 2/6/1431ه مع انطلاقة أعمال الجمعية السعودية لحماية التراث بدعم من سمو الأمير سلطان بن سلمان وبرئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز والأيام القادمة سوف تشهد ميلاد أعمال جديدة لحماية تراثنا الحي. والله الموفق.