“انظروا ما يحدث: أسبانيا خسرت ، فرنسا خسرت ، ألمانيا خسرت”. تمثل معارف هوجو شافيز بكرة القدم لغزا ، لكن الرئيس الفنزويلي أرسى للجدل: هل كرة القدم في “أوروبا القديمة” تعاني الانكماش الاقتصادي الذي تعيشه القارة العجوز؟. ذلك الجدل الذي قد يصبح بلا معنى اعتبارا من اليوم الأحد ، عندما تسعى إيطاليا إلى تعويض تعادلها في مباراتها الأولى أمام باراجواي 1/1 وهي تواجه نيوزيلاندا ، أو بعد غد الاثنين ، إذا ما نجحت أسبانيا في استعادة هيبتها كما تتمنى أمام هندوراس المتواضعة. لكن شافيز ماهر للغاية في استغلال الفرص التي تسنح له. ففي كل الأحوال ، تعاني أسبانيا من مشكلات في قطاع العمل ، وألمانيا تبنت أكبر إجراءات تقشف طيلة فترة ما بعد الحرب ، وفرنسا غير قادرة على الخروج من الانكماش ، وإيطاليا عبارة عن فوضى سياسية ، وإنجلترا قلصت هي الأخرى حجم الإنفاق. وفي الصيف الأوروبي ، يمثل المونديال مجرد متعة للهرب من الواقع المؤلم. وقال شافيز ، الذي يعرف كثيرا عن رياضة البيسبول ، في كلمة تلفزيونية أمس الجمعة “مسكينة أوروبا ، الاقتصاد يغرق ، وحتى في الرياضة تغرق أوروبا”. فهل تغرق الكرة في أوروبا القديمة حقا؟ من المبكر الإجابة بنعم. ربما كان الأصح أن هناك قوى أخرى تظهر ، شيء ظهر في مقاومة السويسريين أمام أسبانيا بطلة أوروبا ، وفي الأداء الجيد الذي قدمته سلوفينيا الدولة الصغيرة ، مرورا بصربيا المنظمة. وبينما يعيش ممثلو الأدوار الثانية لحظات تألقهم ، هناك كبار مثل فرنساوإنجلتراوألمانيا وأسبانيا وإيطاليا يعانون. فقط هولندا وجدت لها طريقها ، رغم أنها لا تزال بعيدة عن مستواها. ويبدو أن مسألة فرنسا ، التي تعادلت في مباراة وخسرت في أخرى ولم تسجل أي هدف ، لن تحل في هذا المونديال. ويعرف مشجعو منتخب “الديوك” أنه مع وجود ريمون دومينيك في مقعد المدير الفني فهم أقرب للتدهور عنهم إلى إثارة الدهشة كما فعلوا قبل أربعة أعوام بتأهلهم إلى المباراة النهائية. لكن الفريق تجاوز أكثر التوقعات تشاؤما. فحتى زين الدين زيدان ، الرجل الذي حمل فرنسا إلى نهائي ألمانيا عام 2006 قبل أن يدمر كل شيء بعدها بنطحة تاريخية ، خلت من قلبه الرحمة تجاه دومينيك: “إنه ليس مدربا ، إنه منتق للاعبين”. وتعتبر إنجلترا حالة أخرى تستحق الدراسة: فقد وصلت إلى المونديال كأحد المنتخبات الأقوى في التصفيات ، حيث سجلت فيها أهدافا بالجملة ، والآن قد تخرج من الدور الأول في سابقة لم تحدث لها منذ بطولة السويد عام 1958 . بل إنها كانت تتمتع إلى جانب ذلك كله بوجود فابيو كابيللو كمدير فني وثقل واين روني ، المهاجم المتعطش لإحراز الأهداف. وبعد مباراتين حصل فيهما الفريق بالكاد على نقطتين ، باتت العصبية واضحة على روني مساء أمس الجمعة ، عندما توجه صوب كاميرات التليفزيون عقب التعادل مع الجزائر وصرخ: “أمر لطيف أن تتعرض للتقريع من جانب جماهيرك. منتهى الوفاء”. ومع أزمة في حراسة المرمى ومواجهات مع الجماهير ، ربما لم تسع الكلمات فرانز بيكينباور حول الإنجليز عندما كتب في مقاله الحصري لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) قبل أيام أن إنجلترا عادت إلى “عصرها السيء السابق” حيث اعتمدت على “التسديد والجري”. ففي الحقيقة ، لم يتغير أي شيء في المباراة الثانية. وماذا عن ألمانيا؟ تلك حالة انفصام في الشخصية. فقد أبرقت وأرعدت وفازت 4/ صفر في مباراتها الأولى على أستراليا ، التي لم تكن تشبه في شيء ذلك المنتخب الذي قاده الهولندي جوس هيدينك في مونديال ألمانيا عام 2006. لذلك ، عندما واجهت منافسا صعبا مثل صربيا ، خسرت ألمانيا صفر /1 وطرد كلوزه وأهدرت ضربة جزاء. والآن بات عليها أن تسعى لإنقاذ مستقبلها في البطولة يوم الأربعاء المقبل أمام غانا ، في المجموعة الرابعة التي تبدو كل الاحتمالات قائمة فيها. وتملك أسبانيا توقعات أفضل. فرغم الهزيمة المفاجئة في مباراة الافتتاح أمام سويسرا صفر /1 ، فإن أبناء المدير الفني فيسنتي دل بوسكي سيسعون إلى تحقيق فوز كبير اليوم الاثنين على هندوراس قبل تحديد الأمور أمام شيلي. ولو تجاوزوا العصبية التي شابتهم خلال مباراتهم الأولى لربما نجحوا في غلق بئر الانتقادات التي حفرت في أسبانيا بالفعل. وكان من الممكن لإيطاليا بطلة العالم التي أصابها الهرم ويعاني حارسها جانلويجي بوفون من الإصابة أن تخسر بكل يسر أمام باراجواي ، لكنها تعادلت ويبقى مستقبلها مفتوحا. ولن ينفي تراجع الكبار أنه مونديال شحيح في إمتاعه ، وكل احتمالاته مفتوحة حتى غير المنطقية منها ، مثل أن تكون نقطة القوة الرئيسية للبرازيل في خط دفاعها حتى أنها تحسد الأرجنتين على تألق هجومها.