من سنن الحياة أن نرى الاختلاف الحاصل بين كل جيل والذي يليه ، اختلاف يتجسد في تغير الأفكار والرؤى والعادات والتقاليد وغيرها من المتغيرات والتي قد تُشعِر الشخص بأنه كان يعيش في دولتين مختلفتين رغم أن الحقيقة أن البيئة المحيطة بالمجتمع هي من تتبدل وتتغير وتؤثر بطبيعة الحال على الأفراد المحيطين بها والساكنين في داخل محيطها . إحدى أبرز العلامات الفارقة بين الجيل الحالي والأجيال التي سبقته تتمثل في ثورة الألعاب الإلكترونية ، هذه الثورة التي أصبحت المتعة الأولى للمراهقين وللكثيرين من كبار السن أيضاً نظراً لما يتوفر فيها من تقنية كبيرة ورسومات رائعة تجعل من مستخدم هذه الألعاب يشعر بأنه جزء من كيان هذه اللعبة ، وتشير الكثير من الدراسات التي أُجريت على ألعاب الفيديو إلى أنها تساهم بشكل كبير في تنمية ذكاء المستخدم نظراً لما تتطلبه هذه الألعاب من تركيز وصفاء ذهني حتى يتمكن من حل الألغاز أو إنقاذ الأبطال الموجودين في اللعبة ، وبسبب خصوبة هذا المجال التقني فقد قامت الكثير من الشركات العملاقة مثل مايكروسوفت وسوني بالدخول وبقوة في عالم ألعاب الفيديو نظراً للإقبال الشديد عليها من قبل الغالبية العظمى من المراهقين والشباب وبسبب ما تدره من مبالغ خيالية على شركات تصميم الألعاب ، ولذلك أصبحنا نرى التنافس الشديد بين عمالقة ألعاب الفيديو لأخذ الحقوق الحصرية للألعاب الرائجة بين المستخدمين ومحاولة أخذ تراخيص البطولات العالمية من الإتحادات المحلية من أجل الوصول للحصرية في الألعاب الرياضية ، وهو أحد المعايير المهمة للتميز بين لعبة وأخرى ، ويكفي أن نعلم بأن إحدى أكبر شركات تصميم الألعاب الرياضية تمتلك ما يقارب الأربعة عشر إستديو من أجل تصوير مشاهير الرياضة وإضفاء أكبر قدر من الواقعية على تلك الألعاب . وبعيداً عن هذا الوجه المشرق لألعاب الفيديو فإن هناك الكثير من الألعاب التي تنشر مجموعة من الأفكار والمعتقدات الخاطئة والتي تؤثر بشكل جذري في عقلية المستخدمين وخصوصاً المراهقين ، فهناك بعض الألعاب ذات أفكار تكفيرية ومنها ما فيه الكثير من الإستهزاء بالمسلمين وشعائر ديننا الحنيف ومنها ما يدعو للفجور والمعاصي وإلى قتل المدنيين ، ووزارة الإعلام تقوم بمنع بيع جميع تلك الألعاب وهو إجراء لا إختلاف فيه . ولكن هل المنع من الممكن أن يكون الوسيلة الفعالة لعدم رواج تلك الألعاب .. ؟ الإجابة بكل بساطة ستكون بالنفي لأن التقنية الحديثة منحت المستخدم إمكانية تحميل هذه الألعاب عن طريق شبكة الأنترنت ومن الصعب جداً إن لم يكن من المستحيل أن تستطيع وزارة الثقافة أن تحتوي مستخدمي الأنترنت ، الحل يكمن في أن يكون لدينا سلاح مضاد للغزوات الفكرية التي يتم الترويج لها عن طريق الألعاب - سلاحنا المضاد هو العلم - أتمنى أن نفكر ملياً في تعليم أبنائنا عالم تصميم الألعاب والكف عن التقليل من شأن الألعاب نظراً لنتائجها الواضحة جداً على الصعيد الفكري ، ليس شرطاً أن ندخل مجال ألعاب الفيديو الآن ، ولكن إن بدأنا بتعليم النشء الآن فإننا نستطيع أن نضع بصمتنا في هذا المجال الحيوي غداً وهذا ما أصبو إليه . والله من وراء القصد،،