يعتقد البعض من الأفراد أنهم الوحيدون داخل المجتمع الذين يمتلكون مالا لايمتلكه غيرهم فيتصورن أن بأموالهم أو أصواتهم العالية سيحترمهم الآخرون ويرفعونهم صوب الأعلى كعارفين بالأمور والقضايا ومثل هؤلاء ينطبق عليهم ما قاله كاتب مغمور لبرناردشو : أنا أفضل منك ، فإنك تكتب بحثاً عن المال وأنا اكتب بحثاً عن الشرف. فرد برناردشو:- صدقت ، كل منا يبحث عما ينقصه..!! وان كان الحوار والنقاش مرتبطا بين أطراف ذات مستوى ثقافي فان المحصلة هي ثمار عمل جيد إما إن نطق السفيه في مثل هذه اللقاءات وتحدث بأسلوب لاينمي عن فهم للقضية المطروحة فهنا ينبغي أن نقول: (اللهم حلي أخلاقنا بأخلاق نبي الأمم). ولابد أن نرتقي بالردود والانتقادات حينما نواجه أقواما سفهاء وندرك قول الحق تبارك وتعالى: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما). وإن كانت الكلمة نوراً تضيء القلوب وتزين العقول وتقف على القمم شامخة بمعانيها الصادقة لتظهر النعمة التي يتمتع بها عقل الإنسان وعلمه فهناك كلمات تظلم الدروب وتحفر القبور بما تحمله من مصطلحات لاتحمل من معاني اللغة والأدب مايجيرها كمفخرة لناطقها السفيه وصدق ما قاله الإمام الشافعي في الإعراض عن السفيه وعدم مجاراته بقوله: إذا سبني نذل تزايدت رفعة وما العيب إلا أن أكون مساببه و لو لم تكن نفسي علي عزيزة لمكنتها من كل نذل تحاربه ولابد أن يتعذر الإنسان للسفيه ويبعد عن مجاراته وان يكون حليما فلا ينظر إلى مايقول أو يفعل ويدرك مكانة الحليم عند ربه التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم : (إنّ الله يحب الحليم الحيي، ويبغض الفاحش البذيّء). فالحلم أشرف الأخلاق، وأحقها بذوي الألباب لما فيه من سلامة العِرض وراحة الجسد، واكتساب الحمد. وقال صلى الله عليه وسلم: (من حَلَم ساد، ومن تفهّم ازداد). وقال الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين: وحدُّ الحلم ضبط النفس عند هيجان الغضب، وهذا يكون عن باعث وسبب، وأسباب الحلم الباعثة على ضبط النفس عشرة: أولها: الرحمة للجاهلين، وذلك من خيرٍ يوافق رقة، والمطلوب رحمة الناس، والأوكد من جهل منهم حتى يعلم. وتحفل كتب الأدب العربي بالكثير من الأمثلة التي تروي قصص تجاهل السفهاء فهذا شتم رجل الشعبي فقال له الشعبي : إن كنتُ كما قلتَ فغفر الله لي، وإن لم أكن كما قلتَ فغفر الله لك. وحكي عن الأحنف ابن قيس أنه قال: ما عاداني أحد قط إلا أخذت في أمره ثلاث خصال: أ – إن كان أعلى مني عرفتُ له قدره. ب – وإن كان دوني رفعتُ قدري عنه. ج - وإن كان نظيري تفضلت عليه. ولابد أن ندرك أن الحوار من أكثر الأعمال متعة وارتقاء فمن خلاله نصل إلى نتائج جيدة و ثمار يانعة تنمي الفكر الإنساني وتوسع آفاقه لكن الحوار يكون غير ذي جدوى عندما يتحاور الإنسان مع الجهلاء أو السفهاء . لذا يجدر بنا أن نتوقف عن مناقشة السفيه و مجادلته لأننا لو فعلنا ذلك فسوف نتساوى معه في المنزلة والمكانة فالسفيه لا يحاور ولا يتناقش بموضوعية و حياد و لا يراعي حدود الاحترام وإنما يقلل من الآراء.