أشعر بالفخر والاعتزاز كوني تتلمذت على يدي الاستاذ حامد مطاوع في مجال الصحافة، وفي نفس الوقت ومنذ مساء أول أمس شعرت بأسى وحزن كبيرين لفراق استاذنا القدير الشيخ الجليل حامد بن حسن مطاوع الذي عاد الى ربه. ذهب حامد مطاوع الى جنات الخلد، لرجل قامته فاقت الخلق الواسع الذي كان يتمتع به، لم نسمع عن مصادره لفظة سيئة طيلة حياته، وكانت هذه مكارم الاخلاق فيه، الرجل اذا قال فعل، واذا صال بكلمة حق دائماً يقولها في زاويته ب (الندوة) او غيرها من الصحف، ورغم انه رئيس تحرير الندوة لفترة طويلة، وقادها الى مكانة عالية، الا ان عهده يعد العهد الذهبي للندوة. ذهب حامد مطاوع الى سماء الخلد، وذكراه العطرة ستظل نبراس الخلق والفروسية، والمصداقية التي كان يتمتع بها، بل تعلمنا منه ما كان يقوله لنا : (ان الخبر الصحفي اذا لم يكن موثقاً نستبعده عن صحيفتنا، (تعلموا بأن تأتوا بالاخبار الصادقة، وتحروا مدى حقيقتها) كلمات كان يقولها لنا اثناء عملنا معه، وتحت اشرافه (عيسى خليل رحمه الله، محمد حافظ، محمد الحساني، عدنان باديب، رفقي الطيب، حامد عباس، محمد المفرجي رحمه الله، عبدالفتاح جيزاني، د. محمد حداد، فوزي خياط، باهيثم، فايز حسين، ابنه د. انمار، علي العبيدي القحطاني، مجموعة كبيرة من العاملين) تعلموا كيفية الارتقاء بالخبر الصحفي، وبالفعل كان حامد مطاوع لا يقبل المساومة على فرض الخبر الصحيح بالندوة. في عهده الذهبي انتشرت الندوة وتوسعت افاقها علما وادبا وفكرا ومقالا وصورا وكاريكاتيرا وأعمدة صحفية وتحليلات راقية سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية وصحية وشعبية ورياضية .. الخ حتى ان وكالات الانباء العالمية كانت تنقل كلمة حامد مطاوع بلغات متعددة لتوزعها في صحافة العالم. ذهب حامد مطاوع الى مثواه الاخير الا ان كلماته ومؤلفاته وفكره وقوته وصموده وحيويته وعزته لم تذهب ظلت وظل الجميع يذكر تاريخا جميلا لن يُنسى. فحامد مطاوع صاحب بيت علم واخلاق علم اسرته منذ النعومة والنشأة على حب الناس ومكارم الأخلاق وحسن الانصات وتقبل الآخرين وهكذا عرفت اسرته بالعلم وبالاخلاق وحسن المعشر ذلك تأسيس حامد مطاوع قلب مكة وروحها، التقيت مع استاذي في الندوة كنائب ومشارك للزميل عدنان باديب في عالم الرياضة، وعندما حققت نجاحا متواصلا من رحلاتي العلمية والاستطلاعية الداخلية والخارجية اصدر قراره بأن اقوم بتأسيس قسم التحقيقات الصحفية ورئاسته، فكانت بالنسبة لي نقلة جميلة الى عالم الثقافة، طلب مني ان اكتب زاوية اسبوعية كل اربعاء في الصفحة الاخيرة بالندوة وكانت تحت عنوان رقيب اليوم يشارك فيها العديد من الزملاء ومن خلال هذه الزاوية تعلمنا منه الكثير كيف نعيد الصياغة، وكيف نحترم الرأي الاخر، ومتى يمكننا ان نبدع عندما نبدأ ببلورة الفكرة، زاد من مكافآته ماديا عندما علم بانني أعشق التصوير الفوتوغرافي وأعرف جانباً من التحميض واخراج الفيلم بطريقته التقليدية السوداء والبيضاء وايضا الملونة، وقال رحمه الله : أنتم اولى ببلدكم، انها صورة لرجل كان يسعى لايجاد فرص عمل خفية وتحريرية ولغوية وطنية. كان حامد مطاوع اول من ادخل طباعة الاوفست للندوة لتتحول في قفزة رائعة كاولى الصحف السعودية التي تصدرت الطباعة الناعمة، وهو اول من ادخل المطابع الملونة التي جلبها من المانيا لاول جريدة في المملكة وهي الندوة لتطبع الصور والخطوط بألوان متعددة وكانت الندوة في عهده قد حققت تقدما مذهلا في التوزيع والصدارة وحتى الاهتمام بها خارجيا. وكانت الندوة في عهده الميمون تصدرت قائمة صحفنا المحلية فيمن يملك اكثر من وكالة انباء عالمية اخباريا وصورا وتقريرا وتحليلا تختص به الندوة لاسلكيا، منها اليوناتيدبرس، والفرنسية والاسوشيتدبرس وكانت الندوة تتصدر كليا بنشر الاخبار المهمة محليا وعالمياً بعد فحص من قبله، لانه لا يقبل نشر اي شيء الا بمعايير ووسط فنيات الصحافة واخراجها اللامع الذي قلما تجده في صحفنا الاخرى، او بعض الصحف العربية ولكم أن تجدوا ما نقوله لو عدتم للاعداد القديمة. لقد أعد حامد مطاوع لجريدة الندوة ارشيفاً صحفياً بالخبر والصورة كأول وأفضل ارشيف بين صحفنا وانا على مشارف بعثة الدكتوراه الى أميركا طلب مني رحمه الله بأن استعيد استقالتي لكي أكون مندوبا للندوة بالولايات المتحدةالامريكية، يومها اعتذرت لسعادته قائلاً : اسمح لي سوف اتفرغ للدراسة، لانها همي الاكبر، وعند العودة سوف اساهم بإذن الله ما استطعت مع ندوتي، جريدتي في تطويرها، أجاب رحمه الله : رافقت السلامة أم خلود،. نعم : ذهب حامد مطاوع ولكنه لم يذهب، انه معنا، برفقة ابنائه وبناته واحفاده تلامذته ، اصدقائه، الكل له محب ولا اعتقد بأن هناك من لا يحب هذه القمة، تغمده الله بواسع جناته، واسبل على أهله الكرام وذويه الصبر والسلوان. (إنا لله وإنا إليه راجعون). [email protected]