كنت قد تحدثت في مقال سابق عن أناس لا يمنحوننا ابتساماتهم لنقترب منهم، ونثق بالتعاون معهم، وكأن الحياة المادية (الجافة) قد أنستهم قيمة الابتسامة في العلاقات الانسانية. قبل أيام قرأت موضوعاً نشر قديماً في مجلة الهلال عام 1946م بقلم الاديب الشهير الاستاذ أحمد مصطفى امين تحت عنوان (ابتسم للحياة) وجدت فيه بعض الصور البديعة المعبرة عن معنى الابتسام وأثره في الحياة.. تعالوا معي لنتأمل ما تعنيه سطور المقال: يقول الاستاذ أحمد أمين : (ليس المبتسمون للحياة أسعد حالاً لأنفسهم فقط، بل هم كذلك أقدر على العمل، واكثر احتمالاً للمسؤولية، وأصلح لمواجهة الشدائد ومعالجة الصعاب، والاتيان بعظائم الامور التي تنفعهم وتنفع الناس.. ولو خيرت بين مال كثير أو منصب خطير، وبين نفس راضية باسمة لاخترت الثانية. فما المال مع العبوس؟ وما المنصب مع انقباض النفس؟ وما كل ما في الحياة اذا كان صاحبه ضيقاً حرجاً كأنه عائد من جنازة حبيب.. وما جمال الزوجة اذا عبست وقلبت بيتها جحيماً؟ لخير منها ألف مرة زوجة لم تبلغ مبلغها من الجمال وجعلت بيتها جنة). | والبسمة (الصادقة) تنبعث من نفس باسمة وتفكير باسم، وهي (الأصل) .. يقول الاديب الحكيم: (وكل شيء في الطبيعة باسم منسجم، وانما يأتي العبوس مما يعتري طبيعة الانسان من شذوذ، فالزهر باسم، والغابات باسمة، والبحار والأنهار والسماء والنجوم والطيور كلها باسمة، وكان الانسان بطبعه باسماً، لولا ما يعرض له من طمع وشر وأنانية تجعله عابساً، فكان بذلك نشازاً..). | وفي الحياة الزوجية كان لابد ان يكون للابتسام دوره في تهيئة الأجواء المريحة لكل فرد في العائلة.. وان تكون الابتسامة من نفس راضية تدرك أهمية الهدوء والمحبة، للحفاظ على الاستقرار النفسي. يقول الأديب الفاهم : (هناك نفوس تستطيع ان تخلق من كل شيء شقاء، ونفوس تستطيع أن تخلق من كل شيء سعادة: هناك المرأة في البيت لا تقع عينها الا على الخطأ، فاليوم أسود لأن طبقاً كُسر، ولأن نوعاً من الطعام زاد الطاهي في ملحه، أو لأنها عثرت على قطعة من الورق في الحجرة، فتهيج وتسب ويتعدى السباب الى كل ما في البيت، واذا هو شعلة نار! وهناك رجل ينغص على نفسه وعلى من حوله من كلمة يسمعها أو يؤولها تأويلاً سيئاً، أو من عمل تافه حدث له او حدث منه، او من ربح كان ينتظره فلم يحدث. فاذا الدنيا كلها سوداء في نظره، ثم يسودها على من حوله، هؤلاء عندهم قدرة على المبالغة في الشر، فيجعلون من الحبة قبة، ومن البذرة شجرة، وليس عندهم قدرة على الخير، فلا يفرحون بما أوتوا ولو كثيراً، ولا ينعمون بما نالوا ولو عظيماً). | لماذا كل هذه العتمة التي تحيط ببعض النفوس المضطربة؟!. يقول الاديب العاقل : (أكثر الناس لا يفتحون أعينهم على مباهج الحياة، وانما يفتحونها للدرهم والدينار، يمرون على الحديقة الغناء، والأزهار الجميلة والماء المتدفق، والطيور المغردة، فلا يأبهون لها، وانما يأبهون لدينار يأتي ودينار يخرج، قد كان الدينار وسيلة للعيشة السعيدة، فقلبوا الوضع وباعوا العيشة السعيدة من أجل الدينار..) ولا حول ولا قوة إلا بالله. | أيها الموظف: ابتسم بصدق لنستبشر بقضاء حوائجنا، ونسعد بانجازك المثمر. | ايها الطبيب: ابتسم.. فابتسامتك تريح المريض، وتنسيه نكبات الأخطاء الطبية!. | أيها المعلم : ابتسم لتلميذك، وحبب اليه الدرس، وازرع في روحه حب الخير. |أيها التاجر: ابتسم.. ولكن بنفس راضية، لا تعرف الغش ولا الجشع. | أيتها الزوجة: ابتسامتك، مع قناعتك بما قسم الله، تملأ البيت بهجة، وحياة ثرية بالسعادة الحقيقية .