بعض الآباء والأمهات وكبار الأسرة لا يدركون مدى خطورة ما يتلفظون به عند مخاطبتهم لأبنائهم الصغار وخاصة عندما تخرج من أفواههم جمل غير مستحسن أن يسمعها هؤلاء الصغار فيلتقطونها سريعاً ومن ثم يتبادلونها فيما بينهم في المدرسة في الشارع وأحيانا مع كبار السن من خارج الأسرة هذه مقدمة لموقف حصل لي في يوم من الأيام وعندما كنت خارجا من مسجد (الحي) عقب صلاة الجمعة وعند الباب اختلط (حذائي مع الأحذية الأخرى) أكرمكم الله.. ومن شدة التدافع أمام بوابة المسجد عند الخروج وخوفا من السقوط وضعت يدي على رأس أحد الصبية الصغار الذي لم يتجاوز عمره السنوات الخمس ولم يتجاوز طوله نصف المتر فإذا به ينظر إليَّ شزراً قائلاً (شيل يدك ولا أكسرها) جملة قاسية فيها قسوة وعدم تربية سليمة لفتت انتباه من حولي فالكل بدأ يتمتم على التصرف اللفظي لهذا الطفل.. فإذا كان هذا اللفظ قد خرج من فم هذا الطفل وفي هذه السن بالذات وفي هذا الطول فكيف سيكون حاله مع من حوله عندما يشتد عوده وتظهر عليه علامات الشباب؟! من أين أتى هذا الطفل بهذه الجملة؟ وممن سمعها؟ هل من داخل الأسرة؟أم من خارجها؟ وهنا الواجب علينا كآباء أن نتوخى الحذر فيما يخرج من أفواهنا إن كان بقصد أو من غير قصد حتى لا تلتقطه الصحون المحيطة بنا وتعيش في أكنافنا صباح مساء فتتداوله بعد ذلك وتبثه على القريب والبعيد (وهي قد لا تستوعب مدى خطورته) فيستهجن تصرف هذا الطفل من قبل الآخرين والذين أجزم أنهم قد أحالوا ما تلفظ به إلى تربيته وأسرته المحيطة به. أما إذا كان هذا الطفل قد التقط هذه الألفاظ وغيرها من الألفاظ التي اسمعها بين الحين والآخر من أنداده الذين يلعب معهم في الشوارع فيجب على الأسر أن تختار لأطفالهم الصحبة والرفقة الذين تتوفر فيهم معايير الأدب وحسن التربية وأن نتأكد بطريقة أو بأخرى بأن أطفالنا يتعايشون مع أنداد لهم حرصت أسرهم على أن تغرس فيهم الألفاظ الحسنة والفاضلة رفيعة المستوى والتي أوصانا بها ديننا الحنيف وهدينا النبوي تجاه تربيتنا لأبنائنا وبناتنا فالطفل أو الطفلة كالشجرة إن لم تهذب أغصانها وتروى بماء صافٍ فإنها ستنبت شوكاً يتساقط على رؤوس الآخرين ويؤذيهم. كثير من الآباء يعتقد أن أطفالهم هم المسؤولون عن تصرفاتهم، وأن العنيد منهم هو عنيد بطبيعته، وكثير الغضب كذلك .. متناسين أن الأطفال ليسوا مسؤولون عن تصرفاتهم بل نحن المسؤولون عنها في المقام الأول قال الله تعالى (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) الروم ..وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم:(ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) متفق عليه.. فالطفل كالورقة الشفافة، غير أنها تشف ما تحتها ولا يظهر عليها إلا ماهو تحتها، فالطفل أشبه ما يكون بالورقة البيضاء النقية وأنت من تكتب عليها بيديك وكذلك المجتمع والبيئة المحيطة بالطفل يساعدانك في ذلك، فإن كنت قدوة أخلاقية وسلوكية له فسيكتسب ذلك، وإن كانت أخلاقك وسلوكياتك سيئة، فلا تلومَنَّْ إلا نفسك..ونصيحتي لبعض الآباء أو الأمهات أو الإخوة والأخوات الكبار في الأسرة أن يعودوا صغار السن في أسرهم على (الكلم الطيب واللفظ المؤدب) ويزرعون فيهم ويزينون لهم حب الآخرين والتحدث إليهم بأدب واحترام وتقدير لأنه كما قيل (كل إناء بما فيه ينضح) ونحن نرغب في أن يكون (نضح) الأواني في بلدنا الطيب الطاهر هذا (نضحاً) مهذباً مؤدباً حتى نضمن بعد قدرة الله أن نحمي أبناءنا الصغار من نضح الأواني غير المحبب.