لم يتصور أحد أن هؤلاء الأبناء الذين جمعهم بيت واحد وأم واحدة وأب واحد, أن تصل العداوة يوما إلى قلوبهم, بعد أن عاشوا مع بعضهم أيام طفولتهم وشبابهم في هناء وسرور, فكانت طفولتهم تعبر عن مدى ارتباطهم وتواصلهم وتراحمهم مع بعض ,فلم يختلفوا في شيء إلا وكان ينتهي أمره في ثوان قليلة, ثم تعود (المياه إلى مجاريها) وكأن شيئاً لم يكن وبعدها نرى الابتسامة تملأ قلوبهم قبل وجوههم, والآن وبعد أن اشتد وزرهم وأصبحوا يعون تماماً ما يفعلونه ويعلمون كل كبيرة وصغيرة عن معنى صلة الرحم والترابط الأسري , إن الوصايا التي ذكرها المولى عز وجل في القرآن الكريم وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم عن صلة الرحم إذا تم تطبيقها والعمل بها تجعل الأسرة متماسكة ومترابطة بل تعمل بفضل الله وكرمه على إنهاء الخلافات والمشاكل التي قد تنشب بين أفرادها, قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (الأنفال:74 75), فليس هناك سبب منطقي يؤدي إلى انقلاب في العلاقات الأسرية ويجعل الأخ يكره أخاه لدرجة تصل إلى القطيعة كما نسمع ونرى الآن عن المشاكل الأسرية التي تتطور شيئاً فشيئاً ويصبح أفرادها يتصارعون مثل الثيران على ميراث أو أي خلاف آخر ليتبادلون الاتهامات مع بعضهم إلى أن يصل بهم الأمر إلى المحاكم والقضايا , فمثل هذه المشاكل التي تحدث بين الأخوة قد يتوارثها أبناوهم ويجدون أنفسهم على عداوة مع أقربائهم وأهلهم لتستمر هذه العداوة مع الأجيال القادمة, فلماذا إذن نرى البعض ينجرف وراء رغبات الشيطان وتبدو تصرفاته مع أهله وإخوانه وأخواته وكأنهم أعداء لا يعرفهم؟! , لذا يجب على الآباء عدم التفرقة في المعاملة بين أبنائهم كافة فليس هناك فرق في المعاملة بين البنت والولد أو بين الصغير والكبير ويجب عليهم أيضا عدم إهمال أبنائهم من زوجاتهم الآخريات حتى لو كانوا يعيشون مع أمهاتهم أو آبائهم الذين انفصلوا عنهم فالكل أبناؤهم ويحتاجون إلى رعايتهم فلابد أن يعملوا على فصل أمورهم الشخصية لصالح أبنائهم ومستقبلهم, فالاهتمام بكافة الأبناء دون أي تمييز من جانب الآباء وحثهم على حسن المعاملة واحترام بعضهم بعضا منذ طفولتهم يجعلهم أكثر تمسكاً وأكثر قوة ولا يفرقهم مال ولا أي شيء آخر.