الوظيفة أياً كان مستواها الإداري تعد مدخلاً مادياً ثابتاً ، ويَعْتَمِدْ عليها الأكثرية من أبناء الوطن بعد أن تفلت زمام المهن الحرفية التي كان يزاولها الآباء والأجداد من يد الأبناء ، واستولت عليها العمالة الوافدة التي غزت البلاد ، ولأن الوظيفة تحكمها قوانين وأنظمة تُمْلي على مزاولها التقيد بها غدت عملاً روتينياً يقضي خلاله الموظف الوقت المحدد له لإنجاز ما يوكل إليه من عمل حتى أصبحت عند الأغلبية احدى الطرق الباعثة للضغوط النفسية التي تتولد منها أمراض العصر الحديث ك (السكر ، الضغط ، القلب ...) ولكي نسعى لتغيير هذه النظرة السلبية تجاهها فلا بد من أن يكون هناك تعاون جماعي بين الموظف والمنشأة التي يعمل بها لرسم صورة جميلة لعمل الفرد تنعكس إيجابياتها عليه وعلى المحيط الذي يعمل به ، ويكون مردودها مضاعفاً في الإنتاجية ، ويشعر شاغلها بالرضاء الوظيفي للعمل الذي يقوم به ، وأولى خطوات هذا التغيير الذي ينبغي أن يغرس في نفوس الموظفين إزالة الحزازيات من نفوسهم على بعضهم البعض ، التي يتولد عنها مع مر الأيام الإحباط والضجر وضيق الصدر ، وزرع المحبة والوئام بينهم ، ومن ثم تنمية الصدق والإخلاص في العمل دون النظر للمردود الذي سيجنى منه مع التنويه لهم بصورة غير مباشرة بأن الله سبحانه وتعالى يبتلي من يقصر في عمله بالهموم والأحزان وقلة البركة فيما يتقاضاه من مرتب مالي وكل ما يكدر صفوة الحياة ، فإذا تمكن من هم على قمة الهرم الوظيفي من خلق هذا الجو الرائع بين موظفي مستويات الهرم المختلفة ، فإنه سيتولد الرضاء الوظيفي في نفوس جميع الموظفين ، مع الأخذ في الإعتبار أن تصميم الوظيفة في حد ذاتها مصدر مهم لإشعال روح الحماس والتنافس الشريف والرضاء والاستمتاع بالعمل الوظيفي ، وقد أوضحت بعض الدراسات الإدارية أن هناك ثلاث حالات نفسية إذا نجحت طبيعة الوظيفة ومكوناتها في استثارتها لشاغل الوظيفة , فإنه سوف يكون ذلك الموظف أكثر تحمساً لعمله ، ولديه رغبة عالية في مزاولته دون تأخر ، أو تلاعب خلال ساعات الدوام ، وسيشعر حينها بالرضا الوظيفي لما يقوم به ، وهذه الحالات هي : الشعور بالقيمة والمعنى ، الشعور بالمسئولية تجاه إنجاز العمل ، معرفة آثار ونتائج عمله . فتحقيق الرضاء الوظيفي حلم يستحيل تحقيقه ما لم تكن نقطة البداية صحيحة من خلال ما تقوم به الإدارة العليا من جهد لتحقيق الشعور بالرضاء للعاملين لديها ، وعلى الموظفين إدراك أن الإدارة لا تستطيع منحهم شهادة شعور بالرضاء عن وظائفهم مع الراتب الشهري . همسه : لا تستطيع أن تكون ذا تأثير روحي على الغير ، ما لم تكن هناك محبة بينك وبينه . من أصدق من الله قيلاً (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) .