حضور كثيف ..وطوابير طويلة..وتدافع محتدم ..تشهده ساحة مقر الأحوال المدنية بمكةالمكرمة ..وللوهلة الأولى سألت: لماذا كل هذا الزحام وهذه الطوابير ..فقيل لي حتى يجد المراجع متسعاً من الوقت لانهاء جزء من معاملته بدلاً من الانتظار الطويل ثم الانسحاب مع نهاية الدوام دون اللحاق بتقديم الأوراق!!. كنت أريد أن أجدد هويتي التي شارفت على الانتهاء ..فوقفت في الطابور وتسلمت أخيراً الرقم (119) ودلفت إلى القسم المختص وقفت في طابور آخر للوصول إلى الموظف الذي سيراجع الأوراق ويؤشر على قبولها..نصف ساعة وتم تحويلي على قسم التصوير..وهناك الانتظار بالساعات وقبل آذان الظهر بدقائق جاء دوري وتم تحويلي على شباك آخر ..ومن جديد وقفت في طابور طويل بانتظار دوري لأخذ الرقم الذي سأتسلم به الهوية الجديدة وعندما جاء دوري تم اعطائي الوصل وطلبوا مني المراجعة لاستلام البطاقة بعد أسبوعين ..ومرت اجازة الحج وكنت على رأس المراجعين لاستلام بطاقتي وانتظرت في طابور جديد ساعة ونصف وقبل أن يجىء دوري بدقائق جاء أحد الموظفين وطلب تحويل الطابور إلى شباك آخر على أن يتفرغ الشباك الأول لتسليم البطاقات فقط ..واختلط الحابل بالنابل ووجدت نفسي في آخر الطابور الجديد وانتظرت مرة أخرى ما يزيد عن الساعة ثم فوجئت بالموظف المختص يقول بأن أوراقي لم تنته بعد لوجود اجازة موسم الحج ومطلوب المراجعة بعد أسبوع..وتساءلت مع نفسي إذا كانت اجازة الحج تزيد من انتظار انجاز البطاقة لأكثر من أسبوعين لماذا طلبوا مني في المرة الأولى المراجعة للاستلام بعد أسبوعين؟! أم ان اجازة الحج جاءت بصورة مفاجئة ودون موعد مسبق؟!. المهم انتظرت أسبوعاً اخر وذهبت فتسلمت هويتي الجديدة وحمدت الله كثيراً..وفرحت فرحاً طاغياً فقد انتهت مشاوير الطوابير والمراجعة من الساعة السابعة صباحاً!. وعندما كنت آخذ طريقي للعودة إلى بيتي تذكرت التنظيم الرائع والمشرف الذي يجده المراجع لادارة (جوازات مكةالمكرمة) من قبل عدة سنوات عندما أصبح الحصول على جواز سفر أو تجديده أو تجديد الاقامة أو أي مسألة أخرى فانها لا تأخذ من الوقت سوى عشر دقائق فقط بدون طوابير ولا ازدحامات.. بصراحة ما حدث في (جوازات مكةالمكرمة) يعتبر انجازاً خرافياً وحضارياً يستحق الاعجاب ..فلماذا لا تشهد الادارات الحكومية الأخرى نفس التنظيم وذات المنهجية فلا أعتقد أن ما حدث في ادارة جوازات مكة من المستحيل تنفيذه في ادارة الأحوال المدنية أو غيرها من الادارات. انني أقدر الجهود التي يبذلها الأخوة الأفاضل في ادارة الأحوال المدنية ..وأقدر المشاق التي يتحملونها في مواجهة كثافة المراجعين ولكني أؤمن في المقابل بأنه بالامكان أن نشهد نظاماً مماثلاً لما ينفذ في الجوازات حتى تختفي الطوابير وينتهي اهدار الوقت!!. إننا بكل تأكيد نحتاج إلى مراجعة شاملة لكافة أساليب العمل بالكثير من الادارات الحكومية فقد مضى زمن الطوابير ومراجعة الادارات على مدى أسبوعين وشهرين وانجاز العمل بموظف أو اثنين!. آخر المشوار قال الشاعر: والأفق يشتف من عينيك روعته ويرقص الكون والأبصار تنبهر لو تضحكين يحن الناي والوتر ويهطل الطل حتى يورق الحجر