بعد يومين يقف حجاج بيت الله الحرام على صعيد عرفات الطاهر.. عرفات الخشوع.. يقف حجاج بيت الله الحرام خاشعين مبتهلين الى المولى سبحانه وتعالى ليغفر ويصفح ويعفو لهم في هذا اليوم العظيم الذي يباهي فيه الحق جل وعلا ملائكته بعباده قائلاً جل جلاله: كما ورد في الحديث القدسي (هؤلاء عبادي أتوني شعثاً غبراً أشهدكم أني قد غفرت لهم..) فيوم عرفة هو يوم المغفرة والرحمة حيث ترتفع الأكف الى الباريء سبحانه وتعالى بالدعاء للفوز بخيرات ونفحات يوم عرفة، اليوم الذي تتجلى فيه بركات السماء ليس على الذين يقفون على صعيد عرفات فحسب بل لكل الذين ترتبط مشاعرهم بعظمة هذا اليوم الخالد بالذكر والدعاء والصوم.. انها أيام مباركة فيوم عرفة هو أعظم الأيام العشر التي أقسم المولى جل وعلا بها حيث يقول في محكم التنزيل (والفجر وليالٍ عشر) فما أعظمه من يوم، وما أعظمه من مشهد عظيم، فهنيئاً من الأعماق لكل الذين وفقهم المولى سبحانه وتعالى لشهود هذا اليوم المبارك. أحبتي في هذا اليوم المجيد تتجلى وحدة المسلمين في اسمى معانيها فالمكان واحد.. والملبس واحد.. والنداء واحد.. وان اختلفت اللهجات وتنوعت اللغات.. واختلفت الألوان والأحجام.. كلها تتجه نحو إله واحد هو الله رب العزة والجلال، خالق الكون ومدبره، ففي هذا المشهد وحده من الدروس ما يكفي للمسلمين بأن يوحدوا صفوفهم.. ويوحدوا كلمتهم خاصة وأن التحديات التي تحيط بالأمة وبهم كثيرة وخطيرة، ولكن بالوحدة يمكن مجابهتها ودحرها والتغلب عليها، فكما توحدت القلوب على صعيد عرفات، فتوحيدهم ليس بمستحيل على الاطلاق. فعلى المسلمين كافة في مشارق الأرض ومغاربها أن يتحدوا ويجتمعوا قلباً وقالباً، وأن يعيدوا تاريخ الآباء والأجداد التاريخ المجيد.. أمة الأمجاد والنصر المبين.. مما أحوجنا اليوم وكل يوم أن نستذكر ونستلهم الدروس من يوم عرفة وذلك من أجل مستقبل أكثر اشراقاً للأمة الإسلامية ونحن بحاجة ماسة إلى وحدة القلوب والمشاعر. والله من وراء القصد . همسة: قال تعالى في كتابه الكريم: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) الآية.