فريضة الحج تشتمل على حكم جليلة وعظات وفيرة، ففي الحج اظهار للتذلل لله عز وجل لأن الحاج يترك اسباب الترف والتزين ويرتدي ملابس الاحرام مظهراً فقره لربه، ويتجرد في هذا السفر عن الدنيا وشواغلها التي تصرفه عن الله سبحانه فيتعرض بذلك لمغفرة الله تعالى ورحمته. قال تعالى : (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام فكلوا منها واطعموا البائس الفقير) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابو هريرة (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه) فنرى الحاج يقف في المشاعر المقدسة ضارعاً لربه، حامداً شاكراً نعمة الله مستغفراً لذنوبه وعثراته. فأداء فريضة الحج يؤدي شكر نعمة المال وسلامة البدن وهما اعظم ما يتمتع به الانسان من نعم الدنيا. وفي الحج شكر لهاتين النعمتين العظيمتين، حيث يجهد الانسان نفسه وينفق ماله في طاعة ربه والتقرب اليه. عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله تعالى فيه عبداً من النار من يوم عرفة وانه يباهي بهم الملائكة) رواه مسلم. وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أي العمل افضل؟ قال : ايمان بالله ورسوله ثم : الجهاد في سبيل الله، ثم حج مبرور) رواه البخاري. والحج يربي النفس على روح الجندية، بكل ما تحتاج اليه من صبر جميل وتحمل الاذى فهو اشبه بنظام عسكري منظم يتعاون فيه المرء مع الناس، الا ترى الحاج يتكبد مشقات الاسفار حتى يتجمع الحجاج كلهم في (مكة) حرم الله، ثم ينطلقون جميعاً لاداء المناسك ويقيمون ويتحركون جميعاً مسرورين، انها تنقلات كشافة روحانية. وهناك تزول الفوارق بين الناس.. فوارق الغنى والفقر فوارق الجنس واللون فوارق اللسان واللغة تتحد كلمة الانسان في مؤتمر كله خير وبركة وتشاور وتناصح وتعاون على البر وتآزر، مؤتمر عظيم.