متى يتحول السلوك الانساني الى نموذج قابل للاقتداء؟ لماذا نعيش الجاهلية العرجاء بالتمسك بهذه الآفة التي تعتبر من أمراض النفوس الضيقة والتي انتشرت في المجتمع انتشار النار في الهشيم، هذه الآفة هي مرض النميمة هذا الداء الخبيث الذي يسري على الألسن فيهدم ويفرق الأحبة، تزلفاً وتسلية وفضولاً، وتماثلها الغيبة عادات سيئة وأخلاق ذميمة ترفضها العقول يتقنها الضعفاء والجبناء عندما يغيب عنهم الايمان وتغيب عنهم المروءة، ماذا يحصد ويجني من يأكل لحوم الناس ويقع في أعراضهم .. يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم لما عرج بي الى السماء مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم .. فقلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم. كم أوقعت هذه الآفات المفاسد وقطع الأرحام، كم أوقعت هذه السلعة الهدامة الرخيصة كثيراً من فئات المجتمع يحكى أن رجلاً سأل حكيماً عن السماء وما أثقل منها فقال البهتان على البرىء، وعن الصخر وما أقسى منه فقال قلب الكافر وعن النار وما أحرّ منها فقال الحسد وعن اليتيم وما أذل منه فقال النمام إذا آبان آمره آه كم نخرت هذه الآفات في جسد المجتمع ونهكت من قواه، فكثير من الناس يغتابون دون رادع أو حسيب أو رقيب ولكن الكلمة تخرج وتنسى بمجرد الانتهاء منها ولكنها موقوفة ومحاسبة ويوم الحساب يقتص من هذا الذي اغتاب فيؤخذ من حسناتك لتُعطى لمن اغتبتهم. هل هذه الآفة والتي اصبحت سمة من ثقافتنا ان الغرض منها ارادة السوء للمحكي عنه وحب المحكي إليه، أم هي غير ذلك، وفي الحديث الشريف من حديث ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال انهما ليعذبان وما يعذبان بكبير اما احدهما فكان لا يستنزه من البول، واما الآخر فكان يمشي بالنميمة ثم أخذ جريده رطبه فشقها نصفين فغرز في كل قبر واحدة، فقالوا يا رسول الله لم فعلت هذا.. قال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا. فكفى بالمرء هذه المفاسد حسداً وحقداً وتفرقة بين الأحبة، كفى بالمرء أن يكون بوجهين يقابل كل من يعاملهم بوجه مثل الحرباء فهو يتلون حسب مصالحه وحسب موقفه، فهذا النوع لا يهدأ له بال عندما يرى الأحبة متحابين في الله اخوة وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الأنواع عندما قال تجد من شر الناس يوم القيامة، عند الله .. ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه والله عز وجل يقول : (وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم). متى يتخلص المجتمع من هذه الآفات التي يجهلها من يمشي بها ويتصنع بها فينم عن هذا ويهتك ستر ذاك أنقل لك أيها القارىء الكريم هذه القصة التي قرأتها في احدى الكتب وأنا أبحث عن هذه الخصلة الذميمة أن رجلاً باع غلاماً عنده فقال للمشتري ليس فيه عيب إلا انه نمام فاستخفه المشتري فاشتراه على ذلك العيب، فمكث الغلام عنده أياماً ثم قال لزوجة مولاه ان زوجك لا يحبك أفتريدين ان يعطف عليك قالت نعم قال لها خذي مقصا وقصي شعرات رأسه اذا نام ثم جاء الى الزوج وقال ان امرأتك لا تحبك وهي قاتلتك أتريد أن يتبين لك ذلك قال نعم فقال الغلام تناوم لها فتناوم الرجل فجاءت امرأته بالمقص فظن الزوج انها تريد أن تقتله فأخذ منها المقص وقتلها فجاء أولياؤها فقتلوه، وجاء أولياء الرجل ووقع القتال بينهم .