أسوأ شيء يمكن ان يرتكبه الكاتب المحترم هو ان يستغل المساحة الممنوحة له للكتابة لتصفية حساباته مع من يختلف معهم.. خاصة الكاتب المقروء والذي ينتظر قراؤه زاويته التي تتلمس جزءاً من اهتماماتهم أو معاناتهم فيفاجأون ان تلك المساحة استغلت لموضوع شخصي للغاية.. لا مردود له. مقبول هذا الأمر لو صدر من كاتب يبحث عن الشهرة او لازال في بداية الطريق (فيخربش) بقلمه للاساءة للآخرين لعله يلفت الانظار الى قلمه ومثل هذا الكاتب اشبه (بابن الحارة الشقي) الذي لا يحظى بحب وتقدير ابناء حيه.. ويظل سيء السمعة. وفي ظني ان الكاتب الوقور الذي يحترم نفسه ويحترم قراءه يتسامى كثيراً فوق هذه الامور التي بالتأكيد لن تضيف له شيئاً بل بالعكس قد تسلبه الكثير مما وصل اليه من مكانة وقبول لدى قراءه والدليل انظروا للكتاب الكبار تجدوهم لا يستخدمون أقلامهم لتصفية حساباتهم مع من لا يتفقون معهم أو بينهم امور شخصية عالقة. قد يحدث هذا اذا كانا يتحاوران حول فكرة اي ان الحوار فكري يخدم قضية وباسلوب راق فيه ارتقاء عن الدنايا وباسلوب يحترمك فيه المختلف معك أكثر مما يحترمك قراؤك. ولنا في تاريخ كتابنا الكبار الأحياء منهم اطال الله في عمرهم والاموات رحمهم الله خير وكيل.. فكثيراً ما اختلفوا في حوارات فكرية تخدم قضية معينة يتابعها القارىء بشغف.. اما التجريح واستخدام المفردات المتواضعة سواء بالتصريح أو بالتلميح فهي لا تضيف للقارىء او حتى للكاتب شيئاً. وفي ظني ايضاً أن هذه المساحة هي ايضاً ملك للقارىء ليس من حق الكاتب استخدامها في ما لا طائل منه. آخر السطور: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الحلم غطاء ساتر فاستر به خلقك، والعقل حسام قاطع فقاتل به هواك.