عندما يكون الحديث عن وحدة الصف العربي ، لا يختلف اثنان على أهمية دور المملكة العربية السعودية وحرص قائدها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – على التضامن وتعزيز التعاون وإزالة الخلافات ونشر ثقافة السلام ودعم الأشقاء والأصدقاء سياسياً واقتصادياً، واتخاذ منهج الحوار أساساً لتقريب وجهات النظر للوصول الى الغايات والأهداف المشتركة. أيضاً لا يمكن اغفال الدور السوري في هذه الوحدة وما له من تأثير على منطقة الشرق الأوسط والساحة العربية والدولية. وليس بغريب أن يحظى رعاه الله بكل هذا الترحيب والحفاوة اللذين لمسناهما خلال زيارته الرسمية للجمهورية العربية السورية ولقائه بأخيه فخامة الرئيس الدكتور بشار الأسد يومي الأربعاء والخميس الماضيين والتي جاءت تتويجا للعلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين بل ومثلت الاستراتيجية النقية في التعامل مع التطلعات وشفافية التعاطي ضمن الواقع ، فالهموم المشتركة ومجريات الأحداث والمشكلات التي تطرأ في الساحة العربية أمور تؤرق الجسد العربي الذي يعمل على تضافر جهوده في إيجاد حلول جذرية لمواجهة التحديات وطرح القناعات على طاولة النقاش من أجل الوصول إلى معاني التكاتف ومؤشرات الإخاء (فالمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً). ويعد التركيز على الملفات الساخنة والقضايا الراهنة في المنطقة العربية أكبر تجسيد لوحدة الصف والدفاع عن مصالح الأمة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية فقد أكد البيان الصحفي الذي صدر في ختام الزيارة في الشأن الفلسطيني على ضرورة تضافر الجهود الإسلامية والعربية لوقف الاعتداءات المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ورفع الحصار عن الأقصى والتصدي لمحاولات تهويد القدس. وحول لبنان تم التأكيد على أهمية التوصل إلى كل ما من شأنه وحدة لبنان واستقراره من خلال تعزيز التوافق بين اللبنانيين والإسراع في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، كما تطرق البيان إلى الوضع في العراق، حيث أكد أنه كان هناك اتفاق على أهمية أمنه واستقراره ووحدته وعروبته وعدم التدخل في شؤونه الداخلية. وفي الشأن اليمني كان تأكيد الجانبين على ضرورة دعم حكومة اليمن وتأييد جهودها لبسط الأمن والاستقرار في جميع أنحائه والقضاء على الفتن والقلاقل التي تهدد وحدته وسلامته . ويأتي اتفاق الجانبين السعودي والسوري على تعزيز التعاون السياسي والثقافي والإعلامي، وتفعيل دور اللجنة المشتركة والارتقاء بالتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين ليفتح آفاقاً رحبة جديدة بينهما تصب في مصلحة وخانة الشعبين الشقيقين وتنعكس على كافة الأوضاع المحلية والعربية والدولية. فالإشادة بالدور الإيجابي الذي أبرزته القمة السعودية السورية لا يقف على العلاقات الثنائية بين البلدين فحسب بل امتد إلى فتح آفاق جديدة للعمل العربي المشترك ورسم مسار تعزيز التضامن وبداية مشروع عربي جديد. فالقارئ لسياسة خادم الحرمين الشريفين وحيوية دوره في المنطقة يؤمن بأنه رجل السلام الأول وقلب الإنسانية النابض بالتسامح والصدق والعطاء. فعندما أشاد الأسد (بعروبة الملك عبدالله). وقال (إننا حين نذكر اسم الملك عبدالله،الكل يعلم أنه الملك العروبي الذي يؤمن بالعروبة وبالتنسيق العربي) لخص التاريخ العربي وترجم أفعال مليك صاحب مبادرات السلام العالمية لفتح بوابات الرقي وقنوات التواصل مع الآخر بالحوار الهادف والفكر المنطقي. وتأتي عبارات السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة(بأن الملك عبدالله لا يدخر جهدا يمكن أن يبذل في تحسين العلاقات العربية وهو يذهب إلى كل الأماكن إذا رأى أن هذا يعمل على رأب الصدع العربي وهو رجل متواضع أشد التواضع) أحرف ناصعة البياض في سجل الزمن الذي يُدون عطاءات العظماء ومكانة الشرفاء. ويُضيف (أن دور خادم الحرمين على المستويين العربي والدولي قوي ومتوازن وهذا التأثير في السياسة السعودية هو خط ثابت بدأ يظهر بقوة في هذه المرحلة التي يقود فيها السفينة خادم الحرمين الشريفين وهو رجل حكيم إلى أبعد الحدود وصابر وشجاع ولا يتنازل عن الحق العربي أو الفلسطيني). أبعاد القمة رسمتها سياسة رجل اتخذ من كتاب الله وسنة نبيه المصطفى نبراسا يُنير طريقه ويحرس خطوات دربه فهنيئا للعرب بقادة تسخر كافة الإمكانيات للارتقاء بشعوبها وتجعلها في مصاف الدول المتقدمة وأرض خصبة لصناعة الحضارات. إن ملفات القضايا العربية التي سبقت القضايا المشتركة للبلدين جعلت من قمة دمشق مركز دائرة وفاق عربي تشهده المرحلة القادمة في المنطقة العربية .