وتمر بنا اليوم ذكرى عطرة وهي ذكرى فتح مكةالمكرمة والتي نصر فيها الله سبحانه وتعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ودخل مكةالمكرمة وعاد إلى البلد الحرام منصوراً مرفوع الرأس. ومن ينظر في فتح مكةالمكرمة يلاحظ تلك الاسرار العظيمة التي رافقت الترتيبات التي سبقت الغزوة وخاصة تلك السرية التي أحاط بها التحرك منذ اللحظات الأولى والتي عزم فيها على التوجه إلى مكةالمكرمة بعد أن نقض أهلها العقد واخلوا بالاتفاق الذي تم بينهم ثم جاءت الخطوات التالية بعد ذلك وكيف أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع تلك الآلاف من المسلمين وألبسهم عدة الحرب ثم تحرك نحو الهدف الأساسي دون أن يعلم ذلك لأحد سوى عدد محدود من الرجال الذين ائتمنهم صلى الله عليه وسلم على الخطة. وفي كل مرحلة من المراحل التي مرت كان القائد الكريم ذو القدر العظيم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يغمر الجميع بالرحمة والحنان ويقودهم بالحزم ويسير متوكلاً على الله .. ومن ينظر في تصرفات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خلال هذا التحرك يشعر بأنه كما وصفه ربه على خلق عظيم وبالمؤمنين رؤوف رحيم .. ولكنه لا يقبل في الحق لومة لائم ولا يتنازل عن حق من حقوق الله فاسقط الاصنام التي كانت حول الكعبة وقتل بعض الأشقياء الذين عاندوا الإسلام وقتلوا المسلمين ولم يكن يجدي فيهم الا القتل .. ثم شمل الجميع برحمته قائلاً: (اذهبوا فأنتم الطلقاء .. اذهبوا فأنتم الطلقاء). ويدخل مكةالمكرمة وهو مرخَّي الرأس حتى كادت جبهته الكريمة أن تلامس الراحلة تواضعا لله عز وجل .. تلك صور مقتطفه من الدرس العظيم من فتح مكة والتي يجب الوقوف عندها وان نتعلمها ونعلمها لأولادنا فقد كانت مليئة بالأسرار والحكم والخطوات الموفقة والقرارات الصائبة والتي تمت بأمر الله وتوجيهه لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان قدوة لهذه الأمة في طاعة ربه والتوكل عليه والدفاع عن دين الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.