عدَّ مدير الدعوة والارشاد بمكة المكرمة، ومدير جمعية الاحسان والمستودع الخيري الشيخ محمد مرزا عالم شهر رمضان رمزاً للأمة الاسلامية وملحمة اسلامية تبرز السمة الدينية لعموم المسلمين وذلك من خلال مراقبة الله في السر والعلن بالامساك عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر الى غروب الشمس امتثالاً لله تعالى وطاعة له وانفاذاً لأمره سبحانه وتعالى. وأعتبر عالم في حوار مع (الندوة) شهر رمضان مدرسة ايمانية ودستور امة ومنهاج حياة يحفل بالمظاهر الايمانية المسنودة باليقين القلبي والجوارح في تطبيق ما أمر الله به ان يعمل خلال شهر رمضان الفضيل. | ماذا يمثل لكم شهر رمضان الكريم عن سائر بقية شهور العام؟ || بداية اسأله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من اهل الصيام والقيام في رمضان فرمضان ليس له أمر معين او مكانة معينة عند فرد من الافراد او جيل من الاجيال او مجتمع من المجتمعات او بلد من البلاد بل رمضان رمز للأمة كلها فهو رمز لتاريخ هذه الامة وركن من اركان دينها وشعار من شعارات امتنا وهو ملحمة من ملاحم هذه الامة فالافراد يعيشون واقع الامة في رمضان والامة تعيش واقع الافراد في رمضان ولذلك منطلق هذا واساسه ومنبعه كتاب الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فالله سبحانه وتعالى قد انزل في كتابه فضل هذا الشهر وبين ما له من محامد كما قال عز وجل : (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)، وذكر عنه فقال : (اياماً معدودات) ولذلك هذا هو الذي يستشعره المسلم وهو قوله جل وعلا : (اياماً معدودات) فمن صام رمضان ايماناً واحتساباً شعر وعلم وتيقن بأنه مجرد ايام معدودات بينما من كان للمعاصي اقرب ومن كان للدنيا اقرب ومن كان عن الاحتساب ابعد فرمضان بالنسبة اليه هم كبير وشغل شاغل وليس هو شهر بل شهور فلذلك لا يحترمه ولا يقدره وان كان احترامه في بعض الاحيان ظاهراً. وعلى كل حال رمضان بالنسبة لنا جميعاً نحن معاشر المسلمين يمثل تكرار هدي النبي صلى الله عليه وسلم ويمثل العمل بالآيات الكريمات في كتاب الله عز وجل ويمثل معاني أخلاقية كبيرة واسساً اجتماعية عظيمة فرمضان يمثل كرم الكرماء وجود الاجودين ويمثل ايضاً في نفس الوقت رحمة الراحمين ويمثل صدق الصادقين ويمثل ايمان المؤمنين وخشوع الخاشعين وتبتل المتبتلين وقيام القائمين وصيام الصائمين وهو في الحقيقة يجمع بين عبادات القلب وبين عبادات الجوارح وقل أن تجد من الناس من يجمع بين هذه في عباداته الا في هذا الشهر الفضيل الكريم فهو فيه عبادة قلبية لأنه (الصوم لي وانا أجزي به) فهو بين العبد وربه وهو يجمع و يعمق المعاني القلبية من التوكل والخشوع والتبتل والخضوع لله ومراقبة الله عز وجل ومعاني الاحسان كلها معاني قلبية، ويجمع ايضاً بين عبادات جسدية فالجسد يمتنع عن الطعام والشراب ويواصل في الصيام ويصبر.. فتجد ان جوارحه ايضاً تصوم وتجد ان ما له في عبادة ايضاً في هذا الشهر الكريم فهو يطعم الفقير ويحسن الى المحتاج ويفطر الصائمين ويخرج زكاة فطره وبعض الناس يخرج زكاة ماله في رمضان رغبة في أجره وثوابه وزمانه المبارك، وهكذا تجد ان رمضان يعيشه المسلم بكيانه كله بفكره وبعقله وروحه وجسده وبيديه وببصره وبسمعه وبقلبه وبكل ما يملكه في هذه الدنيا من دار ومال وابناء وعيال.. ومن اجل هذا كان رمضان فعلاً مدرسة ايمانية ودستور امة ومنهاج حياة. نكهة العبادة | ما الذي ينبغي للمرء المسلم ان يستقبل به رمضان؟ ،وكيف يستفيد منه في تغيير حياته؟ || رمضان عبادة ولكن هذه العبادة في رمضان تختلف ان صحت العبارة واعذرني في هذه العبارة : (تختلف نكهة العبادة في رمضان) فلرمضان نكهة مميزة وصفة متميزة وطريقة متفردة حتى الناس عندما يصلون في رمضان يشعرون بأن صلاتهم في رمضان اختلفت عن صلاتهم في شعبان وفي رجب، وحتى الناس وهم يتصدقون في رمضان يشعرون وهم يتصدقون بأن شعورهم باداء صدقاتهم قد تغير عما سواه، وحتى المرء وهم يصبر ويكتم غيظه تجد ان شعوره وهم يكتم غيظه ويصبر ويتاصبر ويتصابر يختلف شعوره وهو يؤدي هذه العبادة. فرمضان قد هيىء له من الاسباب المعنوية والتعبدية والشرعية من الأجر والثواب من عند رب العباد جل وعلا ما لم يهيىء فيه للعبد فيما سواه من الشهور ولذا كان رمضان فرصة للتربية الذاتية وفرصة لمراجعة الذات وتقوية النفس وتنمية الذات والقدرات النفسية والمعنوية والفكرية والحسية للانسان، فكثيراً ما تعلن في الصحف والمجلات وكثيراً ما تقوم كثير من المؤسسات والمراكز (مراكز التدريب) كمركز تدريب الذات ودورات في ادارة الازمات ودورة في ادارة المفاوضات.. وغير ذلك من الدورات كلها لتنمية مهارات الانسان. فرمضان يحتوي كل هذه المهارات ويعطي فوق كونه دورة عملية ميدانية يعطى علياه اجراً وثواباً وفضلاً وجوداً منه سبحانه وتعالى، ولذلك من حرم فضل رمضان فقد حرم خيراً عظيماً ومن دخل عليه رمضان ولم يغفر له فقد حل به ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال : (رغم انف امرىء ادركه رمضان ولم يغفر له) فهو فرصة ودعوة كريمة للافادة من هذه الفرصة العظيمة وحتى نخرج من رمضان وقد تغيرت نفوسنا نحن الافضل والاحسن والابهى والاجمل والاكمل. القافلة الرمضانية | توجيهاتكم للمرأة المسلمة المنشغلة بأعمال المنزل لتستفيد من شهر رمضان؟ | رمضان موسم وهو سوق وقافلة رمضان ماضية فمن اراد ان يكرم نفسه ويحسن اليها ويزيدها تقوى وايماناً واحساناً فعليه ان يلتحق بقافلة رمضان ومن تكاسل وتماطل وتشاغل وسوَّف فهو المحروم اولاً وآخر فان الله غني عن الناس (يا أيها الناس أنتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد ان يشأ يذهبكم ويأتي بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز). فرمضان من مميزاته وصفاته ان فيه الخير لكل الناس فتجد فيه فائدة للصغار وللكبار وللرجال وللنساء للفقراء وللاغنياء وللتجار ولذي العقول النبيهة والعالمة ولذوي الحرف البسيطة وللأعمال اليسيرة واهل الجاه ولأهل الامر والنهي ولمن هم مأمورون وعاملون من ادنى الطبقات في أعمالهم. فرمضان فرصة للجميع ولا يعني ان من يملك مالاً يسبق او من لا يملك مالاً لم يسبق بل هو ميدان للجميع والمرأة المسلمة من هذه الشرائح التي يمكن لها ان تستفيد من هذا الشهر الفضيل بأمور كثيرة كما سبق وان ذكرتها، ولعلها في رمضان لها نصيب اكمل واوفى واوفر من الرجل من الافادة من هذا الشهر الفضيل ذاك انها في بيتها وفي بيت زوجها وبين ابنائها متفرغة ومحفوظة بينما الرجل يمضي ويضرب في الأرض يمنة ويسرة يبتغي حتى يعود الى داره وبين يديه ما يطعم به عياله ويسكنهم في داره، فالمرأة فرصتها جليلة وعظيمة في هذا الشهر الكريم لا من ناحية العبادات القلبية ولا من ناحية عبادات الجوارح التي هي فعلاً فرصة كي يراجع الانسان نفسه وايضاً المرأة ومن خلال مملكتها في بيتها يمكن ان تربي جيلاً صالحاً يجعل لرمضان قدره ومكانته ويعظم هذه الشعيرة التي طالما استخف بها كثير من الناس خاصة في هذه الاعصار وانتم تشاهدون في الصحف والمجلات ذلك الكم الهائل من الاعلانات التي تقدمها قنوات فضائية وللاسف عربية ومن دول اسلامية تجد انهم يعدون الناس ببرامج ومسلسلات ودراما واكشن.. وغيرها من البرامج التي يقولون انها تمتع الصائم بينما هي مما يجرح الصائم بها نفسه بالنظر اليها والسماع لها ولا ادري كيف يمكن للانسان ان يجمع بين نهار صائم وبين ليل صاخب فيه من صور الابتعاد عن الله عز وجل وصور الانحراف عن منهج الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فبئس الزاد زاد هؤلاء ونعم الزاد زاد الصائمين فرمضان فرصة للمرأة ان تجنب الابناء والبنات مثل هذه المشاهد ومثل هذه الامور التي فعلاً فيها جرح واضح وكبير لمعنى الصائم ولتعظيم هذا الشهر فضلاً عن تعظيم هذا البلد الحرام. انشغال لا تراجع | عرف عنكم اهتمامكم بالشباب وخاصة في بداياته الدعوية ثم نلاحظ التراجع في الاونة الاخيرة عنهم؟ || هو في الحقيقة ليس تراجعاً بقدر ما هو انشغال، فقد تكون اهتمامات الانسان في فترة من الفترات محددة في اطار معين وفي مجال معين ولكن حينما استلمت مركز الدعوة والارشاد صارت الاهتمامات اكبر وصارت الأعمال ذات علاقة بجهات اخرى كثيرة وكان لزاماً على الانسان ان يسعى لتقديم خدمات دينية وخدمات دعوية لمختلف الشرائح والطبقات في المجتمع من شباب ونساء ودوائر حكومية وجمعيات خيرية ومؤسسات متعددة سواء في داخل المملكة او بحسب المهمات في خارج هذه البلاد عن طريق وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد التي دائماً ولله الحمد تسعى مشكورة في دعم البرامج الدعوية وتوسيع مدارك المسلمين عن طريق البرامج الدعوية العامة التي تشمل جميع الشرائح فهو ليس تراجعاً بقدر ما هو تنويع بحسب المسؤولية التي اباشرها. تجربة المجد | ما هي نظرتكم للاعلام بعد تجربتكم ابان اشرافكم على قناة المجد العلمية وادارة المكتب الاقليمي بالمنطقة الغربية لقناة المجد؟ | الاعلام لم يعد مقصوراً في معناه على حروفه ومبناه فهو ليس مجرد اعلام بل اصبح اعلاماً وتربية فالاعلام لم يعد اعطاء الناس الخبر او اعلامهم بأمر ما من الامور بقدر ما صار مربياً لهم وموجهاً لاخلاقهم وادابهم وينمي في الذاكرة الخلفية (اللاوعي) معاني كثيرة يحرص من يقوم على تلك البرامج الاعلامية على غرسها في المشاهد وفي عقليته وفي (اللاوعي) وبالتالي خرجت لنا اجيال كثيرة من أبناء المسلمين الذين لا يعرفون واقع الدعوة وواقع الدين الا عن طريق تلك البرامج الاعلامية التي قد تكون في كثير من الاحيان غير عن الوجهة الصحيحة للاسلام. الاعلام كما هو معروف سلاح ذو حدين اما سلاح لخدمة الدين والدفاع عن الحق والهدي والرشاد والخير والتقوى والسداد او سلاح يدمر به قيم المسلم واخلاقه وادابه، ولذلك يسر الانسان بالتجارب الاعلامية ان صحت تسميتها بالتجارب الاسلامية التي تعطي هذا الاعلام نكهة جديدة وهي على غير مراد الذين اسسوا هذا الاعلام من الغرب بقدر ما هو اعادة لصياغة الاعلام وتوجيهه الوجهة الطيبة المباركة التي يمكن من خلاله بإذن الله عز وجل لأهل الخير والتقوى والهدى والرشاد والسداد ان يوجهوا كثيراً من ابناء المسلمين. الاعلام ليس مجرد مهنة بقدر ما هو رسالة وليس مجرد لقطة او مشهد او جلسة او بروم او من هذا القبيل بقدر ما يحمله هذا العرض او هذا المشهد او هذه الجلسة او هذا اللقاء من معاني كثيرة يمكن من خلالها ان تؤثر على عقول الكثير من الناس. | الاعلام مما اهتم به الغرب ولذلك كان تسمية الصحافة السلطة الرابعة فالاعلام المرئي والاعلام المسموع هو السلطة الخامسة والسادسة والسابعة .. الى العاشرة وما هو اكثر من ذلك؟ ولذلك من جرب النواحي الاعلامية ومن استطاع ان يخوض غماره فانه يستمتع بالمهارات في هذا الاعلام. ومن مميزات الاعلام انك تجد الثمرة مباشرة فقد يلقى الداعية الكلمة في المسجد او يلقى خطبة ولكنه قد لا يرى الثمرة مباشرة لكن الاعلامي يرى ثمرة برنامجه مباشرة على الهواء وقد كنا في قناة المجد نبث من 14 16 ساعة مباشرة في المشاعر خلال اعوام 27 28 29 هجرية وكانت بالفعل متعة وحياة رغم الجهد والتعب الكبير الذي نعانيه في ذلك الوقت لكن حينما ترى وتعلم ان الناس من الخليج الى المحيط الاطلسي يشاهدون ويتابعون تلك المشاهد المؤثرة للجميع ونفرتهم وبكائهم ودعائهم ووقوفهم في عرفات ومزدلفة ومنى ورميهم الجمرات وتلك العرصات التي جعلها الله عز وجل مناراً لهذه الشعيرة العظيمة. فالاعلام وهذه دعوة لأهل الخير والهدى ان يتخصصوا فيه لا ان يأتينا بعض اهل الاعلام فيظن بعض اهل الدعوة انه مثل القاء خطبة في المسجد فيجلس امام الكاميرا ويتحدث بدون تحضير وبدون اعداد او بدون لغة اعلامية (حركة بسمة طلة كلمة اشارة) لانها كلها مؤثرة في المشاهد والجمهور بل حتى الديكور والكرسي والوردة التي يضعها امامه فلابد ان يكون هناك اعداد لتلك الحلقة.