بعد غد يهل علينا شهر رمضان المبارك الذي ينتظره الجميع باشتياق لما له من فضل عظيم ، وخصائص ليس لها مثيل في غيرة من شهور العام ، فهو شهر عبادة وبذل وإحسان ، فيه تعظم القربات وتكثر الصدقات ، ويزداد في أيامه ولياليه التكافل الاجتماعي لعظم الأجر والمثوبة فيه ، وعلى الرغم من وجود سبل الخير العديدة التي وفرتها الحكومة الرشيدة لتلبي احتياجات المحتاجين ، إلا أن ظاهرة التسول (أو ممارسة هذه المهنة) مستمرة طوال العام ، وتبدأ بالظهور في الأماكن العامة بأشكال متعددة (التسول المباشر - التسول عن طريق الأطفال - التسول عن طريق المعاقين ...) وملفت للأنظار مع بداية مطلع أول ليلة من ليالي الشهر الفضيل ، فهي ظاهره تعتبر انحرافاً عن السلوك السوي ، وخروجاً عن العادات والتقاليد والقيم السائدة في المجتمع ، والمتمعن في كنية هؤلاء المتسولين سوف يجد غالبيتهم من الوافدين لهذه المملكة بتأشيرات سياحية دينية ، أو ممن يرغبون في آداء العمرة وفريضة الحج ، والبعض الآخر منهم من المقيمين بيننا بصورة غير نظامية ، وقلة من أبناء الوطن ، وهو داء خطير متفشٍ في كل شعوب العالم ، وقل ما تجد شعباً من شعوب الأرض يخلو منه ، إلا أنه يعتبر من الظواهر الدخيلة على مجتمعنا المحافظ ، وممتهني هذه الظاهرة إما أن يكونوا أشخاصاً محتاجين بالفعل إلى المال لتلبية احتياجاتهم المعيشية في ظل عدم قدرتهم على مواكبة متطلبات الحياة والغلاء المعيشي ، أو أشخاصاً متبنين هذه الظاهرة من أجل كسب المال غير المشروع فتجد كل فرد منهم قد اتخذ طريقة لإثارة مشاعر الناس وجذب قلوبهم إليه ، وفي كلا الحالتين فإن الظاهرة تعكس صورة سيئة ومغلوطة عن المجتمع بصفه عامة ، الأمر الذي يحتم على جهات الاختصاص إقامة الحدود الشرعية عليهم ، وفرض عقوبات رادعة من قبل الجهات الأمنية تجاه من يقبض عليه متسولاً تذاع عبر وسائل الإعلام ليكونوا عبرة لغيرهم ، ومن ثم البحث عن وسائل فعالة للوقاية من ظاهرة التسول قبل حدوثها ، ومكافحتها حال حدوثها ، ومن المعلوم أن القضاء على هذه الظاهرة من جذورها يعد من المحال ما لم يكن هناك واعظ ديني مستمر في نفوس من يرغبون مزاولتها يحثهم على أن هذا الفعل من الأفعال التي حرمها الإسلام يتبناه رجال الدين والإعلام ، ولأبناء الوطن دور هام وفعال في القضاء على هذه الظاهرة بأن لا تأخذهم العاطفة والرأفة والشفقة الإنسانية تجاه هذه الفئة من المتسولين ، وعدم إعطائهم أي مال وإن قل ، روي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم) . همسة : غنى النفس خير من غنى المال . ومن أصدق من الله قيلاً (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ). وكل عام وأنتم بخير ،،،،،