النفس البشرية مجبولة على فعل الخير وهذه هي الفطرة التي فطر الناس عليها , وقد تجتاحها بعض المغريات والملذات التي تنساق خلفها تلك النفوس , وربما تكون مخالفة للفطرة السوية ومخالفة للدين ومخالفة للعادات والتقاليد المتعارف عليها في جميع المجتمعات حيث إن لكل مكان وزمان احترامه وقدسيته وديننا الإسلامي الحنيف أرشدنا للفعل القويم حسب الزمان والمكان ومن يخالف ذلك يردع ويزجر على فعله , فإذا كان رادع التقوى والخوف من الله قد غاب وهان عند البعض لزم أن يكون هناك رادع وضعي و بضوابط لكي لا تنتشر الرذائل والرزايا وتعم البلوى ويشيع الفساد بين العباد ولا تكاد تجد المتمسك بدينه والملتزم بأوامر ربه , ولعل أقرب شاهد وأكبر دليل والذي أثار ضجة إعلامية كبيرة ذلك الفعل المشين الحقير الذي لا يصدر من نفس بشرية سوية ناهيك أن تكون إسلامية ذات نخوة عربية , وفي قناة لها شهرتها وصيتها السيئ في طرح الرذائل ومناقشتها على الملأ وبكل وقاحة , أليس هذا يعتبر من الفساد في الأرض أم لا ...؟ سؤال يجب أن يوضع تحته مليون خط أحمر لتفادي الخطر العريض , ومن رحمة الله بنا أن شرع لنا شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل حسب مكانته وسلطانه فمن لم يستطع الإنكار بيده لزمه الإنكار بلسانه فإن عجز أيضاً لا يمنعه ذلك من الإنكار بقلبه وهو أضعف الإيمان , وهذا يدلنا على أن كل شخص مسلم مكلف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقدر استطاعته وحالته ولا يقتصر هذا الأمر على فئام من الناس دون غيرهم وتكون هذه هي مهمتهم ولا أحد يقوم بها غيرهم كما يعتقد البعض من الناس , بل على العكس من ذلك لا بد أن نكون كلنا متكاتفين ومتعاونين لقمع أهل الكفر والزيغ والضلال ودحر الفساد وأهله والداعين إليه والمسوقين له من تبعة إبليس وأعوانهم من الإنس والذين سخروا أنفسهم لمحاربة محاربي الفساد والتهجم عليهم بأقلامهم الحاقدة ورسوماتهم الساخرة والتي تكن عن الحقد الدفين وتنم عن فكر متحجر حاقد تبعي للغرب متعلمن على محاربة الخير وأهله متربٍ في بلاد الكفر ومعشعش في عقول السائبة والعامة والدهماء ممن غرتهم حضارة الغرب وافتتنوا بها وانسلوا من الدين كما ينسل السهم من الرمية. ولكن نلاحظ الهجوم الشرس على أسود الهيئة ورجال الدين لأنهم ينكرون المنكرات ويأمرون للمعروف بالمعروف وكأن هذا الجهاز لا يمت للدولة بصلة ولا يعلمون أنه ركن متين من أركان هذه الدولة وفي سياسة حكومة خادم الحرمين الشريفين , وإن كان الاسم دينياً ومقتبساً من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فهو موجود في أرض الواقع مع اختلاف الاسم وثبوت نفس الفعل وهو مطبق في الدول الأوروبية والغربية عموماً والتي هي محط أنظار العلمانيين وبؤرة انطلاقاتهم الحاقدة , وكذلك مطبق في بعض الدول العربية المجاورة تحت مسمى (شرطة الآداب) وهو نفس الاسم في دول الغرب , ولهذه الشرطة سلطتها التامة والأحقية الكاملة في تطبيق العقوبات في ردع الظلمة وعلى قليلي الأدب من التمادي في أفعالهم المشينة والتي تعكس صورة سيئة عن ذات البلد الذي ينتمون إليه , ولشرطة الآداب احترامها وقدسيتها في تلك البلدان ولا يحق لأي فرد الاعتراض عليها أو التنديد ضدها أو محاربتها بشتى الطرق والوسائل ومن يفعل ذلك يكون عرضة للعقاب الشديد من قبل الدولة. ونحن كمسلمين ديننا الحنيف قد أرشدنا إلى هذا من قبل وجعل لنا الخيرية (كنتم خير أمة أخرجت للناس) لماذا ..؟ وما الفعل الذي جعلنا خير الأمم ..؟ (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) ثم قال بعدها (وتؤمنون بالله) أعقب الإيمان به سبحانه بعدهما لفضل ذلك الفعل على سائر الناس وكافة المجتمعات ونفعه عم كل بلد طبقه وأي بلد يطبقه ويأمر به وينتهي عما حرمه وينهى عنه في ظل حكومتنا الرشيدة وامتداداً لما تعهد به مؤسس هذه البلاد المباركة وأبناؤه من بعده وهذا يزيد من حقد الحاقدين واحتقان دمائهم بحسدهم البغيض على رجال الحسبة , وإن كانت (شرطة الآداب) لها الأحقية ولها كامل الصلاحيات في العقوبات والردع والحد منها فإن جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يمتلك نصف تلك الصلاحيات في تلك البلدان ومع ذلك يقاتل بهذه الصورة من قبل أولئك المحتسبين على الدين وهم أبعد ما يكونون عنه . والله من وراء القصد ,,,