الطفل العربي في عصر العولمة والسماوات المفتوحة وسيل المعلومات الذي يتدفق عبر الأقنية الفضائية وشبكة الإنترنت يحتاج منا إلى وقفة كي لا تتبدد هويته ويضيع في زخم زمن سمته الأساسية هي السرعة في كل شئ ، وإذا أردنا أن نتحدث عن التنشئة الاجتماعية فيجب أن نذكر ذلك الجهاز الخطير المسمى بالتلفاز ، حيث يشكل التلفاز مساحة شاسعة من حياة الطفل العربي عموما فيقضى جل وقته أمام تلك الشاشة الملونة الجذابة عكس الأطفال في الدول الأوربية والذين يعلمون تمام العلم معنى الوقت فيقومون بجدولة خاصة لساعات يومهم ما بين التلفاز والتعلم والمذاكرة والهوايات الأخرى ، ونلاحظ أن ما يشحذ انتباه الطفل العربي في هذه السن المبكرة أفلام العنف والمطاردات والحروب الدامية ، وكثيرا ما يكون من رابع المستحيلات اقتلاع الطفل من أمام فيلمه المفضل أو حلقة الكارتون التي يتابعها بكل شغف وانتباه ، ومع مرور الوقت تزداد ساعات المشاهدة ، ويصبح الطفل كالآلة الصماء أمام تلك الشاشة الصغيرة ويفقد عامل الإحساس بالوقت مما يسبب له العديد من المشاكل سواء في جهازه البصري أو جهازه العصبي ، ومما يترتب على كثرة جلوس الطفل أمام التلفاز حب التقليد وليس حب الابتكار ، فإذا شاهد معركة مثلا يريد تفريغ طاقته في أي شئ حوله خاصة أخوته الصغار أو الأصدقاء والجيران مما يحوله إلى طفل عدواني ، كما أنه يصبح خياليا وغير مدرك لما يدور حوله في العالم الخارجي فقد يتحدث عما يحدث في أفلام الكارتون وعن أبطالها وكأنهم حقيقة لا جدال فيها ، ولذا يترتب على كل ما سبق إهمال الطفل لدراسته واستذكاره كما تنمو فيه روح العناد كذلك أثبتت العديد من الدراسات أن الأطفال الذين يجلسون أمام التلفاز لساعات طويلة قد يصابون بالسمنة والتخمة لانعدام الحركة تماما أثناء المشاهدة وكذلك لتناول الأطعمة والمثلجات والعصائر والمياه الغازية والفطائر أثناء المشاهدة دون محاولة لبذل جهد لهضم ما تم تناوله ، لذا يجب أن يكون هناك علاج لذلك النهم بأفلام الكارتون التي يقضى أطفالنا أمامها جل أوقاتهم ولن يكون الحل بانتزاعهم انتزاعا من أمام الشاشة ولا بمعاقبتهم فهو حل عنيف قد يكون له مردود سلبي على الصحة النفسية لدى الطفل ، ولكن قد يكون العلاج بإتباع برامج حياتية جديدة وإدخال أنواع جديدة من الاهتمامات تناسب عقل الطفل وتشحذ انتباهه وتجعله في حالة من الانبهار والمتعة ، منها مثلا أن يقوم أحد الوالدين بتحديد يوم في الأسبوع وليكن يوم العطلة مثلا لقضائه في أحد المتنزهات العامة أو زيارة أحد المواقع السياحية كي يتعلم الطفل أو اصطحابه للسيرك أو حديقة الحيوان ،فالطفل يحتاج إلى التعامل مع من حوله لا الانزواء بين الجدران الأربعة ، كذلك تعليم الطفل هوايات جديدة تملأ فراغه كأن يصطحبه والده كل مساء إلى النهر أو البحر كي يتعلم صيد الأسماك ، فالأطفال يفرحون بشدة حينما يشاهدون السمكة وهى تخرج من الماء فما بالك حينما يكون هو من اصطادها .. حتما ستكون سعادته بلا حدود ، وبهذا يكون الطفل قد انجذب إلى هواية مفيدة يتعلم من خلالها الصبر والعمل والتفكير ، كذلك من السهل علينا شراء أدوات الرسم والألوان مع وعد أطفالنا بجائزة إذا استطاعوا رسم شجرة أو عصفورة أو شمس ، فهذا يحفز الطفل ويفجر داخله ملكات الإبداع ، وبهذا نكون قد استطعنا تقديم بدائل طبيعية لتلك الساعات المهدرة التي يقضيها الطفل أمام التلفاز مما يترتب عليه ملء فراغه وتنميته عقليا واجتماعيا ليكون عضوا فعالا في المجتمع حينما ينضج .