قال الشيخ الدكتور إبراهيم الدويش الأمين العام لمركز رؤية للدراسات الاجتماعية إن أحدث دراسة ميدانية لمركز رؤية (العنف الأسري – المظاهر والأسباب والنتائج وطرق المواجهة) قد غطت جميع مناطق المملكة وتناولت العنف الأسري من زوايا تحليلية عدة، وقد خلصت الدراسة إلى نتائج كان من أهمها وأخطرها أن عنف الوالدين ضد الأبناء يحتل المرتبة الرابعة في ترتيب أنواع العنف الأسري في المجتمع السعودي. وأكدَ الدويش أن الإسلام قد نهى عن عنف الوالدين ضد الأبناء، فقال الله تعالى:(يوصيكم الله في أولادكم) ، وورد في القرآن الكريم ما يشير إلى عادة وأد البنات في الجاهلية حيث كانت العادة معروفة وأن الآباء يلجأون إلى ذلك خوفاً من عارٍ قد يجلبه البنات عندما يكبرن. أو مع الأولاد خوفاً من الإعالة والنفقة ويعد هذا النوع من الممارسات من أشد أنواع العنف ضد الأطفال وهم في أعمار مبكرة. وقد ألغى الإسلام هذه العادة بل إنه جرمها لأنها قتل نفس بغير حق. وقد ورد في القرآن ما نصه (وإذا المؤودة سُئلت بأي ذنب قتلت) . وقد صنف الفقهاء جملة من حقوق الأبناء على الآباء منذ الولادة استنتاجاً من الأحاديث في هذا الشأن ومن تلك الحقوق: 1- الأذان في أذن المولود: حيث أذن صلى الله عليه وسلم في أذن الحسين بن علي رضي الله عنه حين ولدته فاطمة، كما جاء في حديث رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي. 2- التسمية باسم حسن: وقد قال صلى الله عليه وسلم حين ولد ابنه إبراهيم من مارية: (ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم صلى الله عليه وسلم). وعن أنس رضي الله عنه قال: (ولد لأبي طلحة غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فحنكه (أي مضغ تمراً ووضع منه في فمه) وسماه عبدالله). رواه مسلم. 3- العقيقة: ويذبح عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة فقد جاء في حديث صححه ابن خزيمة وغيره (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً). وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمرهم أن يعق عن الغلام شاتان متكافئتان، وعن الجارية شاة). رواه الترمذي وصححه. 4- حلق شعر الوليد: فقد قال صلى الله عليه وسلم: (كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمى) . رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي. 5- اختيار المرضعة: يجب في هذا الباب عدم منع الأم من إرضاع وليدها فإن كانت المرضع غير الأم وجب اختيار ذوات الأخلاق الفاضلة والتأكد أنها لا يكثر أكلها الحرام لما لذلك من تأثير على الرضيع. 6- النفقة: نفقة الصغار ذكوراً كانوا أو إناثاً واجبة على الوالد حتى يشتد عود الذكر ويستطيع أن يعول نفسه، وحتى تتزوج الأنثى، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول) رواه الطبراني وهو في الصحيحين بنحوه. وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت). رواه أبو داود والنسائي والحاكم وقال: صحيح الإسناد. 7- التربية والتعليم: والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته) الذي سبق ذكره. وقد ورد في الحديث كذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها، وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع). رواه أبو داود بإسناد حسن. والأحاديث في هذا الباب كثيرة، ما تُشير إلى أساليب التربية النبوية الكريمة وأهمية تربية الأبناء على الإسلام ومكارم الأخلاق. 8- المساواة بين الأولاد: والأصل في هذا الموضوع حديث النعمان بن بشير المتفق عليه ونصه: (عن النعمان بن بشير قال إن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت (أي وهبت) ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكلّ ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا. فقال صلى الله عليه وسلم: فأرجعه). وفي رواية أخرى قال: (لا تشهدني إذن، فإني لا أشهد على جور). وجاء فيما رواه مسلم: (اعدلوا بين أولادكم في النحل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر). وهكذا تؤكد هذه النصوص حقوق الابناء منذ الصغر، وتستمر متابعة وتربية ورعاية حتى ينضج الأبناء ويدركون ويميزون ويعتمدون على أنفسهم.. لتبدأ رحلة رد الجميل والوفاء والعرفان ببرهم للآباء. فهل يُدرك الآباء أنهم بأنفسهم يغرسون بذرة البر أو العقوق في نفوس الأبناء، فكيف يطلب البر من جعل العنف والشدة والضرب والألفاظ النابية هي لغة الحوار والتواصل مع أبنائه؟!!.