شاهدت مؤخرا برنامجين يتطرقان لعلاقة (الغذاء والذكاء) , احدهما عرض في احدى القنوات البريطانية الفضائية , والآخر في قناة أمريكية مشهورة.البرنامجان البريطاني والأمريكي يتعلقان كما قلت بدراسة علاقة الغذاء بالذكاء والسلوك البشري.وتم تسجيل البرنامج الأمريكي في إصلاحية للأحداث استبعدت فيها (السكريات والأطعمة الصناعية) , واستعيض منها بالخضروات والفواكه الطازجة . أما البرنامج البريطاني , فقد تم تسجيله في عدد مختار من مدارس لندن , وقسم فيها التلاميذ إلى مجموعتين رئيسيتين : المجموعة الأولى أعطيت أقراصا متكاملة من الفيتامينات والمعادن , والأخرى أعطيت أقراصا مشابهة, ولكنها خالية من أي مفعول , وفي كلتا التجربتين كان الباحثون يقومون بتسجيل معايير الذكاء,وتغييرات السلوك بشكل يومي ودقيق, وكانت النتيجة ارتفاع معدلات الذكاء لدى من تناولوا الفيتامينات والمعادن في لندن, وانخفاض النزعة العدوانية بنسبة (40%) في الإصلاحية الأمريكية . وتعد هذه التجربة مجرد محاولة-ضمن محاولات طبية حديثة-لكشف العوامل المؤثرة في ذكاء البشر, فخلال قرون طويلة كان الاعتقاد السائد هو أن للعبقرية علاقة بحجم المخ, وضخامة الدماغ, وكان ذلك هو البديهي والواضح في ظل انعدام أي مؤشرات خارجية أخرى . والظريف أن كثيرا من العلماء شاركوا عامة الناس في اعتقاد أن الصلع والرأس الكبير , وبروز الفص الأمامي للجبهة أدلة على الذكاء والعبقرية , إلا أن ما يضعف هذه الملاحظات أن الصفات التي كانت تنطبق على مجموعة أخرى لها ذات الميول والإبداعات ,, وكان لابد من الانتظار حتى منتصف القرن التاسع عشر ليثبت علماء الأحياء عدم وجود فرق يذكر- من حيث الوزن والضخامة - بين أدمغة العباقرة واقل الناس غباء . أما اليوم فأثبتت الأبحاث الحديثة أن ذكاء المرء وعبقريته يعتمدان على توافر مميزات أخرى, ليس من ضمنها كبر الدماغ أو ضخامته , فقد ثبت مثلا انه بقدر ما تكون (التعاريج) كبيرة على سطح المخ يكون صاحبها ذكيا وعبقريا, وهذا يعني أن وصف الغبي بأن مخه أملس أكثر مصداقية من الادعاء بأن مخه صغير . يشير الدكتور نهاد البحيري- اختصاصي أمراض المخ والأعصاب في احدى المستشفيات السعودية الخاصة - في هذا الإطار - إلى أن جدلا دار حول مفهوم الذكاء عند الإنسان , وأصر بعض العلماء على أن الذكاء موروث ومبرمج جينيا, وان الإنسان يولد به , بينما أكد الآخرون من العلماء أن الذكاء يمكن تنميته عن طريق بيئة تعليمية مشجعة . أما في هذه الأيام في زمن العلم والتكنولوجيا والتطور الفكري, فنجد أن هناك دليلا علميا قويا متزايدا يوحي بأن الوجبة الغذائية الصحية تؤدي دورا رئيسيا في رفع مستويات نسبة الذكاء بين الطلاب والذين أكدوا أن عقولهم أصبحت تستقبل المواد الغذائية الصحيحة . وفي الفترة الأخيرة تم الاهتمام بإنشاء وتأسيس العديد من الشركات الزراعية والغذائية التي تهتم بتوفير الغذاء الصحي للمواطنين والمقيمين في المملكة العربية السعودية, وقد حدثني احد المتحمسين في الاستثمار الزراعي الغذائي المهندس أسامة كردي قائلا: اليوم الاستثمار في الزراعة وتوفير الغذاء للوطن والمواطنين والمقيمين على حد سواء هو الهدف الأول لحكومتنا الرشيدة التي مدت يد الدعم القوي لجميع المستثمرين في هذا المجال ... وأكمل المهندس كردي أن استثمارهم في المجال الزراعي والغذائي لتوفير الغذاء المناسب للأجيال الحاضرة والقادمة (لان الغذاء الصحي له علاقة مباشرة بمستوى الذكاء والسلوك البشري).