وبعد الصلاة تتلم العيلة على سفرة الفطور.. أصلوا أبو محمود (زي غيره) متعود بعد صلاة الفجر ، دُغري على الفران والفوال واللبان ..اللي تلقاهم من آخر الليل مجهزين أمورهم ، والناس ما شاء الله همة ونشاط وحيوية ويعرفوا ان البركة في البكور.. مو زي دحين اللي ما يصحوا إلا بعد ما تروح بركة توزيع الأرزاق ..يعني ما ينزلوا يقضوا إلا بعد ما تعزل سويقة: ما شاء الله المطرة قاعدة تزيد وريحتها تفتح النفس.. وبرق ورعد ..وشي يرد الروح.. ومحمود واقف على عتبة الباب .. آخر انبساط ..يمد يدينو ويبلبلها بالمطرة.. وميين زيو قاعد يردد: يامطرة حُطي حطي.. على قريعة بنت اختي.. بنت اختي جابت ولد.. سمّتو عبدالصمد .. عبدالصمد يبغى الحليب.. والحليب في البقرة.. والبقرة تبغى الحشيش.. والحشيش في الجبل.. والجبل يبغى المطر.. والمطرة عند ربي.. يامطرة حُطي حطي.. وتأتي أصوات أولاد وبنات الجيران من أرجاء الحارة لتختلط في فضاء المحبة، لتنطلق تغاريد البراءة معطرة بعبق الموروث المكاوي الخالد الذي غمر الدنيا علماً وعملاً ونوراً وضياء ووفاء عم قلوب من أحب مكة.. ياواد ...أمشي أفطر ..وأدخل من الحوش ..لا يصفقك الهوا.. وشويا ..ويرقع صوت الرعد يهز الجبال ويجيب الرجفة.. وما تشوف إلا ومحمود أسرع من البرق .. خاشش نفسو تحت اللحاف من الفجعة.. افتكر انو السما طاحت.. بانت الشجاعة والفهلوة.. ويقوم ينكرس جنب أمه بعد مالبس ثوبه.. وكل ما سمع الرعد يشبط في أمه وهو يفطر..