لاشك أن المتابع لحركة قبائل الجزيرة العربية وتموجات تنقلها داخل محيط الجزيرة العربية يفرح بوجود مادة تاريخية هي في حاجة لمن يرصدها خاصة أن هذه الحركة مرت بفترة ركود ثقافي خلال الفترة من القرن العاشر إلى الثالث عشر الهجري لذلك هيأ الله لأحد الباحثين في بلادنا من اخراج عمل تاريخي هام هذا الباحث هو الأخ عبدالعزيز الوذيناني في كتابه الكبير في حجمه ومضمونه (تاريخ الحمدة زعماء عتيبة) الذي يقع في 1486صفحة من القطع الكبيرة موزعة بين مجلدين وقد وثق المؤلف كتابه بمعلومات تاريخية هامة فيها المرويات الصادقة والوثائق والمخطوطات والمشجرات لتسلسل النسب وقد سعى الباحث إلى استكمال مؤلفه بكل إجادة فقد رصد لنا حركة القبائل داخل جزيرتهم ومنها قبيلة عتيبة التي امتدت مساكنها من الحجاز إلى المناطق النجدية وذلك في أوائل القرن الثاني عشر الهجري ونجد في هذا أجود ما قيل من الشعر الشعبي والتاريخ المرافق وسجل لأخبار عن القبائل والأنساب حيث أعاد لنا ما يسمى التاريخ المنسي الذي سجل وسم الإبل والعزاوي ومشيخة القبائل وأخبار الفرسان ومنهم شيخ قبيلة عتيبة تركي بن حميد الشاعر والفارس والذي قاد قبيلته إلى عالية نجد من أجل البحث عن أراضٍ جديدة وأخباره مع فرسان القبائل الأخرى التي تجاور قبيلة عتيبة ونجد أيضاً في هذا السفر المعرفي الرصد الموثق في الجغرافيا والأماكن التي تحد أراضي قبيلة المقطة من عتيبة ولا شك أن هذا الكتاب مطلب يحتاج إليه كل باحث جاد يبحث عن التاريخ المنسي في ذاكرة مسيرتنا التاريخية وقد كان لي شرف كتابة مقدمة لهذا الكتاب، قلت في جزء منها (قد استطاع عبدالعزيز الوذيناني الاجتهاد والإخلاص في سبيل نفض الغبار عن معالم التاريخ المجهول والمنسي وتقديم زاد معرفي جديد نحن في أمس الحاجة إليه وقد أجاد وأتقن في ذلك بعد التعب والجهد ..ورسم في ذهنه هدفا يريد تحقيقه وهو جدير به وقد حقق هذا بجدارة...) أورد لنا أخبار وتراجم بعض أعلام نساء القبائل في الشعر والمواقف البطولية وهذا يحسب انجازاً للمؤلف والكتاب يمثل في المحتوى الجزء الأول فيه فصول هي نسب قبيلة المقطة وشعراء القبيلة - ومنازل القبيلة في نجد والحجاز ، وسم إبل القبيلة والمجلد الثاني يضم فصولاً هي نشأة امارة الحمدة - تركي بن حميد - شعر تركي بن حميد - حدود ديار قبيلة عتيبة إلى نجد - وثائق تاريخية - قبيلة الوذانين قبيلة المؤلف وقد انتظر عشاق الأصالة المتمثلة في موروث القبيلة مثل هذا العمل الجيد والذي بذل فيه المؤلف جهوداً جبارة جعلته يعمل سنوات وهو ينتقل من مكان إلى مكان لجمع مادة الكتاب حتى خرج إلى النور وأملي أن يتم توزيع هذا الكتاب على نطاق واسع لتلبية نهم ورغبة المولعين أمثالي بهذا التاريخ الأصيل وأعني به سجل تاريخ بلادنا في فترات منسية حتى جاء إليها موحدها ومؤسسها الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله لأن التاريخ يحفظ مكونات الهوية الوطنية ونحتاج إليه لهذا يشكر المؤلف على هذا الانجاز الطيب وكان إعجابي بهذا العمل يجعلني أشيد به وأعتز به كثيراً وأبارك جهود المؤلف الموفقة ومع هذا لا يعني أنني أغض الطرف عن بعض الأخطاء التي وردت في الكتاب رغم أنها قليلة لا تقلل من قيمة الكتاب على المستوى العام خاصة أن حجم العمل كبير يعجز عن تحقيقه شخص واحد ومع هذا تحقق العمل بجهود المؤلف وحده فمثلاً وردت عبارة كلمة (حدور) وهي كلمة يتداولها العامة في مجالسهم تعني النزول من الحجاز إلى نجد حسب انحدار الأراضي من العلو إلى الأسفل والأفضل احلال كلمة نزول أو انساحت من الحجاز إلى نجد كما ورد نسبة أماكن ومناهل مياه في نجد إلى قبيلة المقطة وهي غير ذلك مثل أبرق النخيش - حميان النير - ذريع - القاعية وغير ذلك. وفق الله الجميع إلى الخير والتوفيق..