افتتح فخامة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في العاصمة التونسية أمس مؤتمرا دوليا حول حوار الحضارات والتنوع الثقافي تشرف عليه وزارة الثقافة التونسية والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة //الاسيسكو// والمنظمة الدولية للدول الناطقة بالفرنسية //الفرنكفونية//. وحضر الجلسة الافتتاحية معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة كضيف شرف على المؤتمر ومعالي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى تونس ابراهيم السعد البراهيم إلى جانب نحو مائة شخصية من بلدان عربية وإسلامية واجنبية وممثلين عن عشرين منظمة اقليمية ودولية بينها منظمة الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية واليونيسكو والالكسو والبنك الإسلامي للتنمية. وقد رحب الرئيس بن علي في كلمة الافتتاح بالمشاركين في المؤتمر ونوه بالتعاون القائم بين تونس ومنظمة الاسيسكو والدور المهم الذي يقوم به معالي المدير العام للمنظمة الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري في هذا الشأن. وتحدث عن التحولات العميقة والتحديات الجسيمة التي يشهدها العالم في ظل الأزمة المالية الدولية وتفاقم الفوارق الاقتصادية والثقافية والعلمية التي تفصل بين البلدان المتقدمة والنامية واستفحال معوقات السلم والتنمية. وأكد اهمية اعتماد سبيل الحوار والتعاون بين المجموعة الدولية في مواجهة تحديات الالفية الثالثة للدخول في مرحلة جديدة تقر بكونية القضايا الإنسانية المطروحة. وقال //إننا في حاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تأسيس شراكة دولية للحوار والتعاون والسلم والتنمية تكرس التواصل بين جميع الأمم في كل مكان بقطع النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو اللغة//. ورفض بشدة النزعة العنصرية التي تروج لأحد الأجناس أو الثقافات أو الأديان على حساب لآخرى.. مشيرا إلى أن الأديان السماوية الثلاثة تشترك في قيم كونية يؤمن بها جميع البشر كالدعوة إلى الحوار والإعتدال والتسامح والحث على الإخاء والتضامن وفعل الخير. وانتقد ربط أي دين أوثقافة بالتطرف والإرهاب وقال //إنه لمن الغبن أن توسم ثقافة أو حضارة أو دين بالتطرف والإرهاب إستنادا إلى جرائم يرتكبها متطرفون أو إرهابيون فيقع تعميم الحكم على أمة بعينها//.. كما أنتقد تعمد وسائل الإعلام والاتصال في العالم نشر أخبار تسيء إلى الأديان والثقافات الأخرى ورموزها وتكرس صورة نمطية خاطئة لأمة بأسرها. وحذر من الترويج لثقافة نمطية واحدة مثنيا على جهود المنظمات الدولية والاقليمية الداعمة للتنوع الثقافي. ودعا الرئيس التونسي جميع الدول المحبة للحق والعدل والسلام إلى الاسراع بوضع حد للانتهاكات المتكررة التي يتعرض لها التراث الديني والثقافي والتاريخي بالأراضي الفلسطينية المحتلة ولاسيما في مدينة القدس التي يحتفل بها هذه السنة عاصمة للثقافة العربية مشددا على جعل القانون الدولي المرجع الاساسي الذي تحتكم إليه المجموعة الدولية وتعتمد عليه في تأمين مقومات السلم والتعايش في العالم.. وحذر من استغلال تكنولوجيات المعلومات والاتصال الحديثة في تعميق الفروق والاختلافات بين البلدان. ودعا إلى استهداف مظاهر الفقر والأمية والمرض والبطالة والعزلة والتهميش مذكرا بدعوته إلى إنشاء صندوق عالمي للتضامن تبنته منظمة الأممالمتحدة منذ سنوات قصد الإسهام في القضاء على الاختلالات بين الشعوب ودعم التكافل بينها. وتحدث في الجلسة الافتتاحية مدير عام المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة //الاسيسكو// الدكتور عبدالعزيز التويجري لينوه بالتعاون القائم بين منظمته وتونس مشيرا إلى أن المنظمة تشارك باكثر من عشرين فعالية في احتفالية القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2009. واشاد بالتعاون القائم بين الاسيسكو ومنظمة الفرنكفونية في دعم الحوار الثقافي والتقارب بين الشعوب..ورأى في اختيار القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية ولاحتضان المؤتمر الحالي دلالة خاصة باعتبار تاريخها ودورها في نشر الدين الإسلامي الحنيف وما تميز به علماؤها من وسطية واعتدال. ورأى في تنوع الثقافات مصدر ثراء للحضارة الإنسانية يجب المحافظة عليه مشيرا إلى احترام الإسلام للثقافات والحضارات الأخرى بما تميز به من قيم الحوار والتسامح. وأشار إلى تطلع المؤتمر إلى الخروج من دائرة الصراع الذي يهدد الحضارة الإنسانية المعاصرة ويمهد للعدل والمساواة وراى في الحوار خيارا استراتيجيا لبناء عالم جديد. وحذر من تنامي ظاهرة الإرهاب واستمرار الإحتلال والقهر ما يشكل عرقلة للجهود الدولية على طريق الحوار والتقارب. من جانبه أكد رئيس المنظمة الدولية للفرنكفونية عبدو ضيوف في كلمة مماثلة على تامين مستقبل الاجيال القادمة التي يتوجب أن تنعم بالإستقرار والنمو داعيا إلى حوار مسؤول يضمن ذلك.. ورأى في تعاون منظمته والايسيسكو تأكيدا بأن مفهوم صدام الحضارات ليس قدرا محتوما. وحث على تعاون عادل بين الحضارات يرفض القهر السياسي والحوار الشكلي غير الفاعل. وسيتابع المؤتمر أعماله على مدى ثلاثة أيام في مدينة القيروان ليعالج ثلاثة محاور رئيسية تتمثل في تقييم وضعية حوار الحضارات والتنوع الثقافي وشروط الحوار وقنواته والتعاون الدولي والآليات الكفيلة ببناء حوار للحضارات من أجل إحترام التنوع الثقافي.