تكفلت الشريعة الإسلامية منذ بزوغ نورها بكل الأمور الحياتية للمسلم ، فالخالق عالم بكل ما يصلح لعبده وما لا يصلح له ، وما يضره وما ينفعه ، فالسمع والطاعة لكل التعاليم الإسلامية أمر واجب على كل مسلم ، فلا يجوز لنا رفض الأحكام الشرعية ولا التوقف عن تنفيذها إذا لم تتضح الحكمة منها ، بل علينا قبولها دون جدال ، والحفاظ على صحة المسلم وحمايتها من كل ما يسبب لها الضرر والفساد في جسمه من أحد الأمور الدينية ، وقد حرم الإسلام لحم الخنزير ، وذكر ذلك في أربع مواضع بالذكر الحكيم دون توضيح العلة للتحريم سوى قوله تعالى ( فَإِنَّهُ رِجْس) أي نجس ، والنجسُ يجب على المسلم اجتنابُه لاشتماله على كثير من الأضرار التي يمكن أن تصل إلى حدّ إهلاك مستخدميه ، فتناوله لا يُباح بأي حال من الأحوال إلا في حالة الضرورة وفقًا للقاعدة الشرعية (الضرورات تبيح المحظورات) وقد أجمع علماء الأمة الإسلامية على تحريم تناوله أو أي جزء منه (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) واليوم يجتاح معظم بلدان العالم الوباء الفيروسي أنفلونزا الخنازير ، الذي هو في حد ذاته عقاب من الله تبارك وتعالى لكثرة الذنوب التي يمارسها بنو البشر (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) والفساد المقصود به في هذه الآية الكريمة يشمل نوعين: فساد عمل ، وفساد مصائب وعقوبة وجزاء ، وهو ما هو حاصل في أيامنا التي نعيشها ، والطب من خلال أبحاثه اكتشف أن تناول لحم الخنازير ينمي داخل المرء عادات سيئة وخصال غير حميدة مثل بلادة الإحساس وعدم الغيرة ... وغيرها ، كما أنه مستودع للأمراض الوبائية والديدان الخطيرة التي تفتك بالإنسان إذا تناول لحمه ، ومع ظهور أنفلونزا الخنازير حذرت منظمة الصحة العالمية من خطورته ، فهي بمثابة القنبلة الأكثر تدميراً من فيروس الطيور لأن هذا الوباء قد تحور أكثر من مرة لتصبح العقاقير والأمصال التقليدية غير فعالة معه ، ولابد من الوقاية منه لأن علاجاته مازالت في طور التطوير ، إلا أن مراكز السيطرة على المرض والوقاية الأميركية ترى أن لقاح الأنفلونزا الموسمية يقدم حماية جزئية ضد أنفلونزا الخنازير . فالحمد لله على نعمة الإسلام التي أكرمنا بها الرحمن وما تضمنته من إرشادات ربانية هدفها الأسمى الحفاظ على الأمة المحمدية من كل مكروه . حكمة : الوقاية خير من العلاج . دعاء : اللهم إني أسألك الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم ، وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم . ومن أصدق من الله قيلاً (قُل لاّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيّ مُحَرّماً عَلَىَ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنّ رَبّكَ غَفُورٌ رّحِيمٌ)